الطهر أقل من عشرة إذا كان في حيضة واحدة، فلا بد من حمل هذا الكلام على ما ذكرناه جمعا.
وينبغي التنبيه على أمور: (الأول) - قال في الروض: " وعلى هذا القول - يعني عدم اعتبار التوالي - لو رأت الأول والخامس والعاشر فالثلاثة حيض لا غير " واعترضه سبطه بأن مقتضاه أن أيام النقاء المتخللة بين أيام رؤية الدم تكون طهرا، وهو مشكل لأن الطهر لا يكون أقل من عشرة أيام اجماعا، وأيضا قد صرح المصنف في المعتبر والعلامة في المنتهى وغيرهما من الأصحاب بأنها لو رأت ثلاثة ثم رأت العاشر كانت الأيام الأربعة وما بينهما من النقاء حيضا، والحكم في المسألتين واحد انتهى. وفيه نظر من وجهين:
(أحدهما) - أن قوله: " إن الطهر لا يكون أقل من عشرة اجماعا " على اطلاقه ممنوع، فإن ذلك أنما هو فيما إذا كان بين حيضتين يعني لا يحكم بتعدد الحيض إلا مع توسط العشرة، كما يشير إليه كلامه (عليه السلام) في الفقه الرضوي حسبما نبهنا عليه آنفا، وقد عرفت دلالة الأخبار على أنه لا مانع منه في الحيضة الواحدة، وهذا معظم الشبهة عندهم في اطراح هذا القول، وفيه ما عرفت. و (ثانيهما) - أن ما نقله عن المعتبر والمنتهى وغيرهما إنما استندوا فيه إلى صحيحة محمد بن مسلم وموثقته المتقدمتين بناء على ما توهموه من المعنى الذي زعموه، وقد أوضحنا بعده ومخالفته لظاهر الخبرين المذكورين كما يفصح عنه خبر عبد الرحمان بن أبي عبد الله وكلامه (عليه السلام) في كتاب الفقه. فإنهما صريحان في المدعى كما أوضحناه آنفا، وحينئذ فما ذكروه خال من الدليل بل الدليل على خلافه واضح السبيل. وبالجملة فإن الروايات المذكورة كملا قد اشتركت في الدلالة على أن ما تراه في عشرة الطهر قبل تمامها فهو من الحيضة الأولى وأن ما بين الدمين طهر، وإلا لزم المحذور الذي قدمنا ذكره من زيادة الحيض على العشرة وهو باطل، إلا أنها مختلفة في الظهور شدة وضعفا، وهم إنما حكموا بكون النقاء المتوسط حيضا بشبهة أن الطهر لا يكون أقل من عشرة، وقد أوضحنا فساده فلا اشكال بحمد الله المتعال.