وبعده والأخبار المذكورة لا تأباه، وبذلك صرح شيخنا الشهيد في الذكرى فقال:
" ولعل استحباب الدعاء للغسل شامل حال الاغتسال وبعده ".
(الثامن) - الاستبراء بالاجتهاد على المشهور سيما بين المتأخرين، وبه صرح المرتضى (رضي الله عنه) وابن إدريس ومن تأخر عنه، ونقل عن الشيخ في المبسوط والجمل وجوبه وعبارته تدل على وجوب الاستبراء بالبول أو الاجتهاد على الرجل، وظاهر هذا الكلام هو أن الواجب الاستبراء بالبول إن أمكن وإلا فبالاجتهاد، وهو الظاهر من كلام الشيخ المفيد (رحمه الله) في المقنعة حيث قال: " وإذا عزم الجنب على التطهير بالغسل فليستبرئ بالبول ليخرج ما بقي من المني في مجاريه، فإن لم يتيسر له ذلك فليجتهد في الاستبراء بمسح ما تحت الأنثيين إلى أصل القضيب وعصره إلى رأس الحشفة ليخرج ما لعله باق فيه من نجاسة " ونقل مثله أيضا عن ابن البراج. وعن ظاهر الجعفي وجوب البول والاجتهاد معا. وجملة من عبائر القائلين بالوجوب مجملة حيث صرحوا بوجوب الاستبراء ولم يفسروه بالبول أو الاجتهاد أو هما معا. وكيف كان فالظاهر هو القول المشهور وضعف القول المذكور، لعدم الدليل عليه، والدليل الذي أورده الشيخ على وجوب الاستبراء بالبول - وهو الروايات الدالة على وجوب إعادة الغسل بدونه (1) - لا يمكن الاستدلال به هنا سيما في صورة ما إذا بال. وبالجملة فإنا لم نقف في شئ من أخبار الغسل على الأمر للمنزل بالاستبراء بالاجتهاد وإنما ورد ذلك بعد البول.
وهل يستحب الاستبراء للمرأة أيضا؟ قولان.
وأما كيفية الاستبراء بالاجتهاد فقد تقدم تحقيق القول فيه في بحث الوضوء (2) (التاسع) - الموالاة ذكرها جملة من متأخري الأصحاب، وعللوه بما فيه من المبادرة إلى الواجب والتحفظ من طريان المفسد للغسل، ولأن المعلوم من صاحب الشرع وذريته المعصومين (صلوات الله عليهم) فعل ذلك، وظهر كلامهم الاتفاق