وأنت قد عرفت آنفا أن قضية توقف الواجب عليه وكونه مما لا يتم الواجب إلا به هو وجوبه متى علم وجوب الغاية في وقتها كما عرفت، ومن الظاهر أن الصلاة متوقفة على الغسل فيكون واجبا لأجلها، وهو كما يحصل بعد دخول الوقت وتستباح به العبادة حينئذ يحصل أيضا قبل دخوله وتحصل به الاستباحة أيضا، فكل من الأمرين فرد للواجب، فيكون الغسل قبل الوقت واجبا وإن قلنا بأنه واجب لغيره، وحينئذ تضمحل فائدة الخلاف من البين بناء على وجوب نية الوجه وإلا فقد عرفت أنه لا ثمرة أيضا للبحث في المقام، وكذا لو قلنا بوجوبها وقلنا أن قصد الوجوب في المندوب غير ضائر كما اختاره الشهيد (رحمة الله تعالى).
المقصد الثالث في الكيفية، وهي - على ما وردت به نصوص أهل الخصوص (سلام الله عليهم) - على وجهين:
(أحدهما) - الترتيب، وهو غسل الرأس أولا، ومنه الرقبة من غير خلاف يعرف بين الأصحاب ولا اشكال يوصف في هذا الباب، إلى أن انتهت النوبة إلى جملة من متأخري المتأخرين: منهم - الفاضل الخراساني في الذخيرة وشيخنا المحقق صاحب رياض المسائل في الكتاب المذكور، فاستشكلوا في الحكم لفقد صريح النص في الدخول وعدمه كما ذكره شيخنا المشار إليه، ووقع مثل ذلك لشيخنا المعاصر المحدث الشيخ عبد الله بن صالح البحراني (طيب الله تعالى مرقده) فاستشكل في المسألة وجعلها من المتشابهات، وطول زمام الكلام في أن الرقبة غير داخلة في غسل الرأس، وقال: إن المعروف من كتب اللغة والشرع أن الرقبة ليست من الرأس، وأنه لم يعرف في كلام أهل العصمة (سلام الله عليهم) نص يتضمن دخول الرقبة في الرأس وأن هذه المسألة من المسائل الاجتهادية التي أفتى بها المجتهدون من غير دليل، وعين فيها الاحتياط بالجمع