" إن الناس يقولون يتوضأ وضوء الصلاة قبل الغسل " فإن المراد بالناس هم المخالفون وأظهر من ذلك ما رواه في التهذيب عن محمد بن مسلم (1) قال: " قلت لأبي جعفر (عليه السلام) إن أهل الكوفة يروون عن علي (عليه السلام) أنه كان يأمر بالوضوء قبل الغسل من الجنابة؟ قال كذبوا على علي ما وجدوا ذلك في كتاب علي، قال الله تعالى:
" وإن كنتم جنبا فاطهروا " (2) ويعضده أيضا ما تقدم من مرسلة محمد بن أحمد بن يحيى (3) وقوله: " الوضوء قبل الغسل وبعده بدعة " وكذا غيرها مما دل على كونه مع الغسل بدعة. ورد الشيخ (رحمه الله) الخبر الأول بالارسال واحتمل في الخبرين الآخرين التخصيص بما عدا غسل الجنابة، قال: " لأن المسنون في هذه الأغسال أن يكون الوضوء فيها قبلها " ولا يخفي ما فيه بعد ما عرفت من التحقيق. وأما الخبر الثاني فالظاهر أن الوضوء فيه ليس بالمعنى المعروف وإنما هو بمعنى الغسل كما يدل عليه سياق الكلام، وكيف كان فإنه مع هذا الاحتمال لا يصلح الاستدلال. وبالجملة فالاستحباب كالوجوب ونحوه أحكام شرعية لا تثبت إلا بالدليل الواضح.
(المسألة الثانية) - اختلف الأصحاب (رضي الله عنهم) فيما إذا اغتسل مرتبا وأحدث في أثناء الغسل على أقوال: فقيل بوجوب الإعادة من رأس، وهو مذهب الشيخ (رحمه الله) في النهاية والمبسوط وابن بابويه، واختاره العلامة في جملة من كتبه والشهيد في الدروس والذكرى. وقال ابن البراج يتم الغسل ولا شئ عليه، وهو اختيار ابن إدريس واختاره من أفاضل متأخري المتأخرين مير محمد باقر الداماد والخراساني في الذخيرة وشيخنا الشيخ سليمان البحراني. وقال المرتضى (رضي الله عنه) أنه يتم الغسل ويتوضأ إذا أراد الدخول في الصلاة، واختاره المحقق والفاضل الأردبيلي وتلميذه السيد في المدارك وجده الشهيد الثاني وتلميذه الشيخ عز الدين الحسين بن عبد الصمد