(عليه السلام) (1) قال: " غسل الميت مثل غسل الجنب... " واستشكله جمع من متأخري المتأخرين لما فيه من الخروج عن صرائح تلك الروايات المتكاثرة بهذه الرواية المجملة، إذ المماثلة لا تقتضي أن تكون من كل وجه فلعله باعتبار الترتيب أو عدم الوضوء أو نحو ذلك.
ثم إنه هل الغاسل حقيقة هو الصاب أو المقلب؟ المشهور الأول، قالوا وتظهر الفائدة في النية فأيهما ثبت أنه الغاسل تعلقت به النية، ومستندهم في ذلك هو أن الغسل شرعا جريان الماء على المحل والصاب هو الذي حصل بفعله الجريان. وربما علل الثاني بأن الصاب إنما هو بمنزلة الآلة. أقول: لا يخفى ما في البناء على مثل هذه التعليلات العليلة، والذي يظهر لي من الأخبار هو الثاني، ومنها - موثقة سماعة (2) قال:
" سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل مات وليس عنده إلا نساء؟ قال تغسله امرأة ذات محرم وتصب النساء عليه الماء... " وموثقة عبد الرحمان ابن أبي عبد الله البصري عن الصادق (عليه السلام) (3) وفيها " تغسله امرأته أو ذات محرمة وتصب عليه النساء الماء صبا... " وحسنة الحلبي عن الصادق (عليه السلام) (4) وفيها " تغسله امرأته أو ذو قرابته إن كانت له وتصب النساء عليه الماء صبا " وهي - كما ترى - ظاهرة في أن الغسل إنما هو للمباشر بيده لبدن الميت لا الصاب. وفي عبارة كتاب الفقه المتقدمة (5) " ويلف غاسله على يده خرقة ويصب غيره الماء من فوق بدنه " ويدل على ذلك أيضا الأخبار المتقدمة الدالة على المماثلة وأنه مع عدم المماثل لا بد من اشتراط المحرمية أو الزوجية بين الغاسل والميت، فإنها إنما تنطبق على المباشر لبدن الميت لا الصاب عليه. فإن الصب في هذه الأخبار ونحوها جائز من الأجانب الذين ليس بينهم وبين الميت محرمية ولا زوجية ثم إنهم بناء على ما قدمنا نقله عنهم اختلفوا في أنه هل تجب النية في كل غسلة من