بخروج المني منه، إذ دعوى حصول اليقين بمجرد وجوده كذلك بعيدة، وحينئذ فلا بد من تخصيص قاعدة عدم نقض اليقين بالشك بذلك أيضا إلا أن يقيد بذلك والمفهوم من كلام المحدث الكاشاني في الوافي اعتبار حصول اليقين بحصول حدث الجنابة بتلك العلامة، نظرا إلى أن يقين الطهارة لا يرتفع إلا بيقين الحدث.
وبالجملة فالجمع بين الأخبار المذكورة لا ينحصر فيما ذكروه، حتى أنهم بسبب ذلك جعلوها مسألة برأسها في البين وفرعوا عليها فروعا لا أثر لها في النصوص ولا عين إذ من الممكن حمل الموثقتين المذكورتين على ما ذكرنا من أنه وجد المني بعد الانتباه على وجه يحصل له العلم باستناده إليه كما يظهر من سياقهما، وحمل رواية أبي بصير على وجدانه في الثوب في الجملة، فإنه يستصحب البقاء على يقين الطهارة لعدم حصول العلم في الصورة المذكورة باستناده إليه. وغاية ما يمكن دعواه الظن وإن كان غالبا وهو لا يعارض اليقين السابق، وإلى هذا يميل كلام المحدث الكاشاني في الجمع بين الأخبار المذكورة ولا ريب أنه أقرب مما ذكروه، إذ لا قرينة في خبر تؤنس بالمشاركة في ذلك الثوب بل المتبادر من إضافته إلى الضمير الاختصاص بصاحبه، والأصحاب (رضي الله عنهم) - بناء على ما صوروه من هذه المسألة التي طرحوها وجعلوها مقرا للبحث - عبروا بأن واجد المني على جسده أو ثوبه المختص به يغتسل، ومن الظاهر بعده عن ظاهر الموثقتين المذكورتين. إذ الظاهر منهما - كما عرفت - هو رؤية المني على وجه يوجب اليقين باستناده إليه لا مجرد وجوده، فإنه لا يوجب ذلك، ومن الممكن احتماله لدفع سورة الاستبعاد أنه يجوز أن يكون احتلم في الثوب واغتسل ولم يعلم بالمني ثم رآه بعد يومين أو ثلاثة مثلا، فمجرد وجوده لا يوجب الحكم عليه بالجنابة مع أن يقين الطهارة لا يخرج عنه إلا بيقين النجاسة، وهذا بحمد الله ظاهر لا سترة عليه ولا يأتيه الباطل من خلفه ولا من بين يديه.
فوائد: (الأولى) - لو كان الثوب الذي رأى فيه المني مشتركا بينه وبين