هذه الأخبار الأخيرة على الاستحباب كما هي قاعدتهم المطردة في جميع الأبواب. وأنت خبير بما هي عليه من الاختلاف والاضطراب ومنافاة بعضها بعضا، ففي بعض التغسيل من وراء الثياب وفي آخر يغسل منها موضع الوضوء وفي ثالث يغسل كفيها وفي رابع الأمر بالتيمم وفي خامس يغسل منها ما أوجب الله تعالى عليه التيمم وفي سادس المنع من التغسيل من وراء الثوب الذي دل عليه بعضها والأمر بغسل الكفين خاصة وفي سابع يؤزرنه إلى الركبتين ويصببن عليه الماء صبا، ومن الظاهر البين أن العمل بهذه الأخبار يتوقف أولا على الجميع بينها على وجه يندفع به التنافي، وأنى به سيما مع ما تدل عليه من جواز النظر والمباشرة الذين لا ريب في تحريمها خصوصا الرواية الأخيرة الدالة على جواز مس النساء للرجل ما كان يحل لهن النظر إليه منه في حال حياته. وبالجملة فالاعراض عنها وردها إلى قائلها هو الأظهر والعمل على هذا المسألة على ما هو الأشهر. وأما خبر أبي حمزة وخبر عبد الله بن سنان المذكور بعده فالظاهر حملهما على المحارم فلا يكونان من أخبار هذه المسألة، ويدل على ذلك قوله في الثاني منهما: " ويستحب أن يلف على يديه خرقة " المشعر بجواز المس. والله العالم.
(المسألة السادسة) - المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) أنه مع تعذر المسلم والمحرم يجوز أن يغسل الكافر المسلم وهكذا المرأة المسلمة تغسلها الكافرة إذا لم تكن مسلمة ولا محرم ويكون ذلك بعد اغتسال الكافر والكافرة، واستدلوا على ذلك بما رواه المشايخ الثلاثة (عطر الله مراقدهم) في الموثق عن عمار عن الصادق (عليه السلام) (1) في حديث قد تقدم صدره وفيه قال: " قلت فإن مات رجل مسلم وليس معه رجل مسلم ولا امرأة مسلمة من ذوي قرابته ومعه رجال نصارى ونساء مسلمات ليس بينه وبينهن قرابة؟
قال يغتسل النصارى ثم يغسلونه فقد اضطر. وعن المرأة المسلمة تموت وليس معها امرأة مسلمة ولا رجل مسلم من ذوي قرابتها ومعها نصرانية ورجال مسلمون ليس بينها وبينهم