التقديم، لدلالة مرسلة ابن أبي عمير المشار إليها على ذلك، ومثلها الخبر المرسل من الكافي وإن كان مورده غسل الجمعة، وأصرح من ذلك عبارة الفقه الرضوي (1) حيث قال:
" فابدأ بالوضوء ثم اغتسل " ورواية أبي بكر الحضرمي الآتية، وما في صحيح حكم ابن حكيم (2) من قوله: "... أن الناس يقولون يتوضأ وضوء الصلاة قبل الغسل... " وهذه الروايات لا معارض لها إلا اطلاق بعض الأخبار فيحمل عليها. وكيف كان فالاحتياط - بالوضوء مع هذه الأغسال وتقديمه عليها - مما لا ينبغي تركه.
(المقام الثاني) - هل يستحب الوضوء مع غسل الجنابة أم لا؟ المشهور الثاني، وذهب الشيخ في التهذيب إلى الأول استنادا إلى ما رواه عن أبي بكر الحضرمي عن الباقر (عليه السلام) (3) قال: " سألته كيف أصنع إذا أجنبت؟ قال: اغسل كفك وفرجك وتوضأ وضوء الصلاة ثم اغتسل " بحملها على الاستحباب جمعا بينها وبين ما دل من الأخبار على عدم الوضوء مع غسل الجنابة كصحيحة حكم بن حكيم ونحوها، ويدل عليه أيضا ما رواه الكليني (4) في الصحيح أو الحسن بن إبراهيم بن هاشم عن عبد الله بن مسكان وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه عن محمد بن ميسر وهو غير موثق في كتب الرجال قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل الجنب ينتهي إلى الماء القليل في الطريق ويريد أن يغتسل وليس معه إناء يغرف به ويداه قذرتان؟ قال: يضع يده ويتوضأ ويغتسل، هذا مما قال الله عز وجل: وما جعل عليكم في الدين من حرج " (5) والجواب عن الخبر الأول أن الأظهر في مدلوله هو الحمل على التقية، لما قدمناه من أن العامة في ذلك على قولين في الوضوء مع غسل الجنابة، فالمشهور الاستحباب والقول الآخر الوجوب ويشير إلى ذلك قوله (عليه السلام) في صحيحة حكم بن حكيم (6)