نعم يبقى الكلام في الحمل على معاني المعتادة المتقدمة، والظاهر أنه لا اشكال في الحمل على المعتادة بالمعنى الأول وأنها تتحيض بمجرد الرؤية. وكذا بالمعنى الثالث إذا وقعت الرؤية في أيام العادة، كما لا اشكال ولا خلاف بينهم في عدم الحمل على المعتادة بالمعنى الثاني، فإنها عندهم لا تتحيض بمجرد الرؤية بل حكمها عندهم كرؤية المبتدأة والمضطربة في ايجاب الاستظهار عليها بالثلاثة، وتفصيل هذه الجملة بالنسبة إلى المعنى الأول والثالث أنه لا يخلو إما أن تكون رؤية الدم في وقت العادة وأيامها أو قبل ذلك أو بعده، فأما الأول فإنه لا اشكال في التحيض بمجرد الرؤية للأخبار المتقدمة. وأما قبل العادة فظاهر كلام جملة من الأصحاب الحكم بكونه حيضا لأن الحيضة ربما تقدمت وتأخرت، قال في المبسوط: " إذا استقرت العادة ثم تقدمها أو تأخر عنها الدم بيوم أو يومين إلى العشرة حكم بأنه حيض وإن زاد على العشرة فلا " وظاهر كلام الشهيد الثاني في المسالك الاستظهار كالمبتدأة والمضطربة حيث قال بعد حكمه بالتحيض برؤية الدم في القسم الأول من أقسام المعتادة والقسم الثالث بشرط أن تراه في أيام العادة: " وأما القسم المتوسط وما تراه متقدما عنها فهو كرؤية المبتدأة والمضطربة " واعترضه سبطه في المدارك فقال بعد نقل ذلك:
" هذا كلامه وهو يقتضي ثبوت الاحتياط لذات العادة في أغلب الأحوال بناء على وجوبه في المبتدأة لندرة الاتفاق في الوقت، وهو مع ما فيه من الحرج مخالف لظاهر الأخبار المستفيضة كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى " ثم نقل عن المصنف في كتبه الثلاثة أن الذي يلوح منه عدم وجوب الاحتياط لذات العادة مطلقا، ثم إنه (قدس سره) استظهر أن ما تجده المعتادة في أيام العادة يحكم بكونه حيضا مطلقا وكذا المتقدم والمتأخر مع كونه بصفة الحيض، وتبعه على ذلك جملة من أفاضل متأخري المتأخرين كالفاضل الخراساني في الذخيرة وغيره، وحينئذ يصير هذا قولا ثالثا في المسألة، وقال في الروض: واعلم أنه مع رؤية المعتادة الدم قبل العادة كما هو المفروض هنا هل تترك العبادة بمجرد رؤيته أو يجب الصبر إلى مضي ثلاثة أو وصول العادة؟ يبنى على ايجاب الاحتياط بالثلاثة على.