واتفاق الأصحاب سلفا وخلفا على ذلك، وليس المخالفة منحصرة في أخبار هذه المسألة كما ظنه فزعم قوة ما ذهب إليه الشيخ هنا للجمع بينها، بل المخالفة في تلك الأخبار المشار إليها المتفق عليها أظهر وأشنع، وحينئذ فما جنح إليه من موافقة الشيخ على هذا الحمل مما لا ينبغي أن يلتفت إليه.
و (ثالثا) - أن الحمل على التقية لا يختص بوجود القائل من العامة كما حققناه في المقدمة الأولى من مقدمات الكتاب، على أن مذاهب العامة في الصدر الأول لا انحصار لها في عدد بل لهم في كل عصر مذهب، والانحصار في هذه الأربعة إنما وقع أخيرا في سنة ستمائة تقريبا كما صرح به علماؤنا وعلماؤهم، وبالجملة فإن الخبر المذكور ظاهر المخالفة للقرآن العزيز والسنة المستفيضة بل المتواترة معنى وما عليه كافة العلماء سلفا وخلفا ومنهم هذا القائل، فيجب طرحه في مقابلتها ويتعين حمله على ما ذكرنا. والله العالم (المسألة الثالثة) - يحرم عليها أمور: (الأول) - كل ما يشترط فيه الطهارة كالصلاة والطواف ومس كتابة القرآن اجماعا في الأولين وعلى المشهور في الثالث، وعن ابن الجنيد أنه مكروه، وحمله على التحريم غير بعيد فإن عبائر المتقدمين تجري على الأخبار التي قد كثر فيها اطلاق الكراهة على التحريم.
ومن الأخبار في المسألة زيادة على الاتفاق ما رواه في الكافي في الصحيح عن زرارة عن الباقر (عليه السلام) (1) قال: " إذا كانت المرأة طامثا فلا تحل لها الصلاة... " وما رواه في العلل والعيون عن الفضل بن شاذان عن الرضا (عليه السلام) (2) قال:
" إذا حاضت المرأة فلا تصوم ولا تصلي، لأنها في حد نجاسة فأحب الله تعالى أن لا يعبد إلا طاهرا، ولأنه لا صوم لمن لا صلاة له... الحديث " وما في كتاب نهج البلاغة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) (3) قال: " معاشر الناس إن النساء نواقص الايمان نواقص العقول نواقص الحظوظ، فأما نقصان ايمانهن فقعودهن عن الصلاة والصيام في أيام حيضهن،