الحرارة وإنما نمنع انفصال الروح بكليتها في تلك الحال، وذلك فإن الروح بعد خروجها من البدن يبقى لها اتصال به كاتصال شعاع الشمس بعد غروبها بما أشرقت عليه، وآثار ذلك الاتصال باقية ما دامت الحرارة موجودة، وبعد البرد ينقطع ذلك ويقطع بخروجها بجميع متعلقاتها وآثارها فلا منافاة حينئذ. نعم يبقى الكلام فيما تضمنه التوقيع الخارج من الناحية المقدسة (1) فإنه ظاهر بل صريح في النجاسة قبل البرد وأنه يجب غسل ما مسه به، وبذلك يظهر أن المسألة لا تخلو من شوب الاشكال والاحتياط فيها مطلوب على كل حال. والله العالم.
(الخامسة) - لو مس عضوا كمل غسله فهل يجب الغسل بمسه أم لا؟ اشكال، فقيل بالأول لاطلاق الأمر بالغسل بمس الميت بعد برده، خرج منه من غسل بالنص والاجماع وبقي ما عداه، ولصدق الميت الذي لم يغسل عليه في هذه الصورة، وبذلك صرح جملة من الأصحاب: منهم - العلامة في بعض كتبه والسيد السند في المدارك والفاضل الخراساني في الذخيرة. وقيل بالثاني وإليه ذهب العلامة أيضا والشهيد في الذكرى والدروس لأن الظاهر أن وجوب الغسل تابع لمسه نجسا للدوران وقد حكم بطهارة العضو المفروض.
والحق في المقام أن يقال: إن الكلام في هذه المسألة يتوقف على الكلام في نجاسة الميت، فإن قلنا بأنها عينية محضة - كما هو اختيار المحقق في المعتبر محتجا عليه بأن الملاقي لبدن الميت ينجس بملاقاته وليس ذلك إلا لكونه نجسا - فلا اشكال في عدم الوجوب وذلك لأن النجاسة العينية لا يشترط في طهارة بعض أجزاء محلها طهارة الباقي، إذ طهارة المحل تحصل بمجرد غسله وانفصال لغسالة عنه من غير توقف على أمر آخر، وإن قلنا بأنها حكمية محضة، كما ذهب إليه المرتضى وجعله كالجنب وفرع عليه عدم وجوب غسل المس، أو قلنا بأنها حكمية من وجه وعينية من آخر كما هو ظاهر الأكثر وهو الأقرب