وينبغي حمل ذلك على الكراهة لمناسبة التعظيم فلا تكون الرواية من محل البحث في شئ نعم فيها اشعار بكراهة مس الورق والجلد من حيث النهي عن مس الخيط - بناء على النسخة المشار إليها - والتعليق، وحينئذ فما ذكره في المدارك - من الاستدلال بها للشيخين على الكراهة وقوله أنه لولا ضعف السند لكانت دليلا للمرتضى (رضي الله عنه) على القول بالتحريم في هذه المسألة - ليس في محله، فإن الرواية لا تعلق لها بهذه المسألة بوجه، وهذه الرواية هي مستند الأصحاب في القول بتحريم مس خط المصحف على المحدث حدثا أصغر أو أكبر كما تقدم بيانه، والعجب من غفلة جملة من الأصحاب عن ذلك بايرادها في هذه المسألة والحال كما عرفت، وعبارة كتاب الفقه - كما عرفت - ظاهره في الجواز وهو فتوى الصدوق، وهو الظاهر وإن كان القول بالكراهة - لما عرفت - من اشعار رواية إبراهيم بن عبد الحميد بذلك - لا بأس به، ويؤيده ما تقدم في صحيحة محمد بن مسلم (1) من قوله (عليه السلام): " الجنب والحائض يفتحان المصحف من وراء الثوب... " والله العالم.
(الخامس) - الخضاب على المشهور، وهو مذهب المفيد والمرتضى والشيخ في جملة من كتبه، وقال الصدوق في الفقيه: " ولا بأس بأن يختضب الجنب ويجنب وهو مختضب ويحتجم ويذكر الله تعالى ويتنور ويذبح ويلبس الخاتم وينام في المسجد ويمر فيه " وهو ظاهر في عدم الكراهة.
والذي وقفت عليه من الأخبار في هذه المسألة ما رواه الشيخ عن أبي سعيد (2) قال: " قلت لأبي إبراهيم (عليه السلام): أيختضب الرجل وهو جنب؟ قال: لا. قلت:
فيجنب وهو مختضب؟ قال: لا. ثم سكت قليلا ثم قال: يا أبا سعيد ألا أدلك على شئ تفعله؟
قلت: بلى. قال إذا اختضبت بالحناء وأخذ الحناء مأخذه وبلغ فحينئذ فجامع " وعن كردين المسمعي (3) قال: " سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا يختضب الرجل وهو