أنه لا دليل على وجوب ولا تحريم، واللازم حينئذ سقوط التكليف وأن إرسال الرسل وانزال الشرائع عبث وهو كفر محض كما لا يخفى.
ولم نقف للمرتضى هنا على دليل في حمل الأخبار على الاستحباب إلا التمسك بأصالة البراءة وما رواه الشيخ عن سعد بن أبي خلف (1) قال: " سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " الغسل في أربعة عشر موطنا، واحد فريضة والباقي سنة " وما رواه عن القاسم الصيقل (2) قال: " كتبت إليه: جعلت فداك هل اغتسل أمير المؤمنين حين غسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند موته؟ فأجاب (عليه السلام) أن النبي طاهر مطهر ولكن أمير المؤمنين فعل وجرت به السنة " ولا يخفى أن الأصالة المذكورة يجب الخروج عنها بالدليل وقد تقدم. وأما الروايتان المذكورتان فقاصرتان سندا ودلالة، واللازم من العمل بمضمون الأولى من حمل السنة فيها على المستحب عدم وجوب غسل الحيض وأخويه من الاستحاضة والنفاس وعدم وجوب غسل الميت، وهو باطل قطعا، ويحتمل في الثانية جعل مفعول " فعل " غسل الميت لا غسل المس وحينئذ فالضمير في قوله: " وجرت به السنة " عائد إليه لا إلى غسل المس، على أن استعمال السنة في الأخبار فيما وجب بالسنة أو الأعم شائع كثير.
ثم إنه صرح جملة من الأصحاب بأنه لا فرق في وجوب الغسل بالمس بين كون الميت مسلما أو كافرا عملا باطلاق الأخبار في وجوب الغسل بمس الميت بعد برده الشامل للمسلم والكافر. واحتمل في المنتهى عدم الوجوب بناء على أن ايجاب الغسل بالمس قبل التطهير بالغسل إنما يتحقق في من يقبل التطهير أما ما لا يقبل كالبهيمة ونحوها فلا، والكافر لا يقبل التطهير فيكون جاريا مجراها. ورد بما تقدم من شمول الأخبار باطلاقها للمسلم والكافر. وفيه أن ظاهر الأخبار المشار إليه - باعتبار ما دل عليه بعضها من أنه قبل