الأخبار وايجاب غيرها بأي نحو كان بعد تعذرها يتوقف على الدليل الشرعي والنص الواضح الحلبي والركون إلى هذه التعليلات العقلية - وإن زعموها أدلة شرعية بل قدموها على الأدلة السمعية سيما مع تصادمها كما عرفت - لا يخلو من المجازفة في أحكامه التي قد دلت الآيات والروايات على النهي عن القول فيها بغير علم منه عز وجل أو من نوابه (عليهم السلام) وحملة كتابه (لا يقال): إن الواجب مع تعذر الغسل التيمم وهذان الخبران خاليان من التعرض له أيضا (لأنا نقول) - غايتهما في ذلك أن يكونا مطلقين في هذا الحكم فيجب تقييدهما بما دل على الحكم المذكور من الأخبار كما سيأتي في المسألة بخلاف الغسل فإنه ليس هنا ما يوجب تقييد اطلاقها إذ لا رواية في المسألة كما عرفت، وروايات الغسل المتكاثرة إنما وردت بالخليطين وهما غير موجودين كما هو المفروض في المسألة.
وبذلك يظهر لك الكلام فيما فرعوا على هذه المسألة من مس الميت بعد غسله كذلك وقد تقدم الكلام في ذلك في فصل غسل المس (1) وكذا فيما لو وجد الخليطان بعد الغسل كذلك فهل يجب إعادة الغسل أم لا؟ واستظهر في المدارك هنا عدم وجوب الإعادة، قال: " لتحقق الامتثال المقتضي للاجزاء " أقول: لا يخفى أن هذه العبارة إنما يرمى بها في مقام وجود النص الشرعي ويكون المراد بالامتثال يعني امتثال أمر الشارع وهو الذي يقتضي الاجزاء لا في مثل هذا المقام المبني على هذه التخرصات والتخريجات العقلية. وأنت خبير بأن للخصم أن يقول أن التكليف بالغسل بالخليطين ثابت بالنصوص التي لا ريب فيها، سقط التكليف به فيما إذا تعذر حتى دفن الميت، وما لم يدفن فالخطاب إلى من تعلق به الخطاب أو لا متوجه والتكليف باق وهذا الغسل الذي وقع لم يقم عليه نص ولا دليل يعتمد عليه حتى يمكن حصول الامتثال به ورفع تعلق الخطاب. وبالجملة فإن البناء إذا كان على غير أساس تطرق إليه الهدم والانطماس.
(التاسعة) - من المستحبات في هذا الغسل غسل اليدين إلى نصف الذراع