(الثانية) - قد صرحوا بأنه لو رأت الدم ثلاثة ثم انقطع ورأته قبل العاشر كان الجميع من الدمين وما بينهما من النقاء حيضا، أما الدم الأول فلا يخلو إما أن يكون دم عادة فلا اشكال أولا فيكون مما يمكن أن يكون حيضا، وأما الثاني فهو مما يمكن أن يكون حيضا فيجب الحكم بكونه حيضا، وأما البقاء فلكونه أقل من عشرة فلا يمكن الحكم بكونه طهرا. ولو تأخر بمقدار عشرة أيام ثم رأته كان الأول حيضا منفردا والثاني يمكن أن يكون حيضا مستأنفا لمضي أقل الطهر بينهما، قال في المدارك: " فإن ثبتت الكلية المدعاة في كلامهم تحيضت برؤيته - يعني الدم الثاني الذي بعد العشرة - وإلا وجب مراعاة الصفات على ما تقدم من التفصيل ".
أقول: أما ما ذكروه من الحكم بكون النقاء المتوسط بين الدمين حيضا متى كان أقل من عشرة فقد تقدم الكلام فيه، لأن كلامهم هذا مبني على قاعدة أقل الطهر عشرة مطلقا، وهو ممنوع لما قدمناه من أنه مخصوص بالطهر المتوسط بين حيضتين، بمعنى أنه لا يحكم بتعدد الحيض إلا بتوسط العشرة أما إذا كان في حيضة واحدة فلا مانع منه. وعليه تدل الأخبار المتقدمة في مسألة اشتراط توالي الثلاثة وعدمه كما أوضحناه ثمة (1) والمستفاد منها أنه متى رأت الدم المحكوم بكونه حيضا ثم انقطع فإن مضت عشرة أيام خالية من الدم ثم عاد فإنه يحكم بكونه حيضا ثانيا مع بلوغه الثلاثة وإن لم تمض العشرة فإنه من الحيضة الأولى، وهو صريح في ابطال كلامهم في هذه المسألة، لأن من جملة فروض المسألة ما لو تحيضت أولا بخمسة أيام ثم انقطع الدم ثمانية أيام مثلا ثم عاد خمسة، فمقتضى قواعدهم من البناء على قاعدة الامكان بتقدير اجرائه في هذا المكان لأنه لا يمكن الحكم بالتحيض على ما عدا الدم الأول فالدم الثاني عندهم استحاضة، ولا يمكن الحكم بكونه حيضا مستقلا لعدم توسط أقل الطهر عندهم، ولا بانضمامه إلى الدم الأول مع النقاء المتوسط للزوم الزيادة على العشرة التي هي أكثر