لا وجود لهم في أمثال هذه الأيام وإنما الغرض بيان الخلاف وتحقيق المقام.
(الثالثة) - قال المحقق الشيخ علي بعد اعترافه بأن الحكم في النبطية خال عن مستند قوي سوى الشهرة: " ويمكن أن يستأنس له بأن الأصل عدم اليأس فيقتصر فيه على موضع الوفاق، وفي بعض الأخبار الصحيحة عن الصادق (عليه السلام) (1) " حد التي يئست من الحيض خمسون سنة " وفي بعضها استثناء القرشية، والأخذ بالاحتياط - في بقاء الحكم بالعدة وتوابع الزوجية استصحابا لما كان لعدم القطع بالمنافي - أولى " وتنظر فيه في الذخيرة قال: " لأن التمسك بأن الأصل العدم والاستصحاب ضعيف عندي لا يصلح لتأسيس الحكم الشرعي عليه وإن اشتهر الاستناد إليه بين كثير من المتأخرين، وتمام تحقيقه في الأصول، والاحتياط الذي ذكره معارض بمثله " انتهى.
أقول: لا يخفى أن التمسك بأصالة العدم والاستصحاب هنا إنما هو تمسك بعموم الدليل، وهذا أحد معاني الأصل والاستصحاب كما تقدم في مقدمات الكتاب، وذلك فإن الأخبار دلت على أن الدم الذي تراه المرأة بعد بلوغ التسع بالشروط المقررة ثمة حيض ودلت على أحكام تتعلق بكونه حيضا وعلى هذا اتفقت كلمة الأصحاب، واختلفت الأخبار وكذا كلمة الأصحاب في الحد الذي يرتفع به الحيض وترتفع به تلك الأحكام، فالمحقق المذكور ادعى العمل بعموم تلك الأدلة والاقتصار على موضع الوفاق في النبطية إلى بلوغ الستين إذ لا خلاف بعد بلوغ الستين في حصول اليأس وانقطاع تلك الأحكام، هذا حاصل كلامه، وليس الاستصحاب في كلامه عبارة عن الاستصحاب المختلف في حجيته كما يوهمه ظاهر كلامه، بل هذا من قبيل استصحاب عموم الدليل أو اطلاقه إلى أن يثبت الرافع، وكذا الاستصحاب في قوله: " والأخذ بالاحتياط في بقاء الحكم بالعدة وتوابع الزوجية استصحابا لما كان " فإنه أيضا من قبيل الأول، فإن الأدلة مطلقة أو عامة في وجوب العدة على المطلقة وأحكام الزوجية من النفقة والكسوة والسكنى في العدة ونحو ذلك فيجب استصحابها إلى أن