سماعة دلت على رجوعها أولا إلى نسائها ثم مع تعذر ذلك إلى الأيام وحينئذ يقيد بها اطلاق ما عداها، والأصحاب قد ذكروا أولا رجوعها إلى التمييز ثم مع فقده إلى الروايات والروايات الدالة على التمييز كما تحتمل تقييد روايات المبتدأة بها كذلك تحتمل العكس وقصر التمييز على المضطربة كما هو ظاهر هذا الخبر ورواية إسحاق بن جرير المشار إليها آنفا إذا عرفت ذلك فاعلم أن الكلام في هذا المقصد يستدعي بسطه في مطالب ثلاثة: (الأول) - في المبتدأة بكسر الدال أو فتحها اسم فاعل أو اسم مفعول وهي التي ابتدأت الحيض أو ابتدأها الحيض، وفسرها المحقق في المعتبر بأنها التي رأت الدم أول مرة، وربما قيل بأنها من لم تستقر لها عادة والظاهر ضعفه، والذي دلت عليه الأخبار إنما هو الأول كما عرفت من رواية يونس المذكورة، ومثلها ما سيأتي إن شاء الله تعالى في المقام من موثقتي سماعة وابن بكير.
والبحث في هذا المطلب يقع في مقامين: (الأول) - هل تتحيض المبتدأة بمجرد رؤية الدم أو بعد مضي ثلاثة أيام تستظهر فيها بالعبادة؟ قولان: أولهما للشيخ والعلامة في المنتهى والمختلف وغيرهما، وثانيهما للمرتضى وابن الجنيد وأبي الصلاح وابن إدريس والمحقق والعلامة في بعض كتبه، وفي المدارك أن موضع الخلاف ما إذا كان الدم المرئي بصفة الحيض كما صرح به في المختلف وغيره. وفيه أن ما نقله عن العلامة وغيره ليس كذلك بل ظاهر كلام الجميع هو عموم محل الخلاف لا تخصيصه بما ذكر، قال في المختلف " قال الشيخ: المبتدأة تترك الصلاة والصوم إذا رأت الدم يوما أو يومين كذات العادة وقال المرتضى: لا تترك الصلاة والصوم حتى يمضي لها ثلاثة أيام وهو اختيار أبي الصلاح وابن إدريس، والوجه عندي الأول وهو الذي اخترناه في كتاب منتهى المطلب، واخترنا في التحرير الثاني " انتهى. وهو ظاهر - كما ترى - في العموم، ويؤكده ما يشير إليه كلام الشيخ حيث شبه المبتدأة هنا بذات العادة التي لا خلاف في تحيضها بمجرد رؤية الدم أعم من أن يكون بصفة دم الحيض أم لا، نعم أن العلامة قد استدل