إنا متى وقفنا على مورد الأخبار فإنه لا اشكال لا في غسل الجنابة ولا غيره إذ الواجب العمل بما دلت عليه، وأما مع عدم ذلك فالمسألة لا تخلو من الاشكال في الموضعين، فإن مجال التخريجات العقلية والاعتبارات الفكرية في هذه المسألة وغيرها واسع لا ينتهي إلى ساحل، ولذا ترى المتقدم يعلل بتعليل حسبما وصل إليه فهمه ويجعلها أدلة ويأتي من بعده وينقضها ويأتي بأدلة أخرى حسبما أدى إليه فكره وهكذا، فالحق هو الوقوف على الأخبار إن وجدت في هذه المسألة وغيرها وإلا فالوقوف على جادة الاحتياط كما أمرت به أخبارهم (عليهم السلام).
(الثالثة) - نقل في المدارك عن بعض المتأخرين القائلين بوجوب الاتمام والوضوء الاكتفاء باستئناف الغسل إذا نوى قطعه، لبطلانه بذلك فيصير الحدث متقدما على الغسل، ثم تنظر فيه بأن نية القطع إنما تقتضي بطلان ما يقع بعدها من الأفعال لا ما سبق كما صرح به المصنف وغيره.
أقول: ما ذكره (رحمه الله) على اطلاقه لا يخلو من اشكال، لأنه لا يخلو إما أن تكون نية القطع بمجردها موجبة للبطلان أو أن البطلان إنما يحصل مع الاتيان بشئ من أفعال العبادة بعد هذه النية، ونظره إنما يتمشى على الثاني، ولعل مراد هذا القائل إنما هو الأول. وقد تقدم الكلام في هذه المسألة في بعض مقامات النية في الوضوء.
(المسألة الثالثة) - هل يجب ماء الغسل عينا أو ثمنا على الزوج أم لا؟ قال في المنتهى: " فيه تفصيل: قال بعضهم لا يجب مع غنائها ومع الفقر يجب على الزوج تخليتها لتنتقل إلى الماء أو ينقل الماء إليها، وقال آخرون يجب عليه كما يجب عليه ماء الشرب والجامع أن كل واحد منهما مما لا بد منه. والأول عندي أقرب " انتهى. والمفهوم من كلام الذكرى الثاني وهو الوجوب على الزوج مطلقا، قال (رحمه الله): " ماء الغسل على الزوج في الأقرب لأنه من جملة النفقة فعليه نقله إليها ولو بالثمن أو تمكينها من الانتقال إليه، ولو احتاج