(المسألة الثالثة) - لو اشتبه دم الحيض بدم القرحة فقد اختلف الأصحاب في ذلك، فقيل إن كان خرج الدم من الجانب الأيسر فهو من الحيض وإن كان من الجانب الأيمن فهو من القرحة، وبه صرح الصدوق في كتابه والشيخ في النهاية وأتباعه قال في الفقيه: " وإن اشتبه عليها دم الحيض ودم القرحة فربما كان في فرجها قرحة، فعليها أن تستلقي على قفاها وتدخل إصبعها فإن خرج الدم من الجانب الأيمن فهو من القرحة وإن خرج الدم من الجانب الأيسر فهو من الحيض " وظاهر هذا الكلام أن مخرج دم الحيض دائما إنما هو من الجانب الأيسر، وعن ابن الجنيد أنه عكس ذلك فقال: " دم الحيض أسود عبيط تعلوه حمرة يخرج من الجانب الأيمن وتحس المرأة بخروجه، ودم الاستحاضة بارد رقيق يخرج من الجانب الأيسر " واضطرب كلام الشهيد فأفتى في البيان بالأول وفي الدروس والذكرى بالثاني، قيل: ومنشأ الاختلاف هنا اختلاف متن الرواية حيث إنه قد روى في الكافي عن محمد بن يحيى رفعه عن أبان (1) قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) فتاة منابها قرحة في جوفها والدم سائل لا تدري من دم الحيض أم من دم القرحة؟ فقال: مرها فلتستلق على ظهرها ثم ترفع رجليها ثم تستدخل إصبعها الوسطى، فإن خرج الدم من الجانب الأيمن فهو من الحيض وإن خرج من الجانب الأيسر فهو من القرحة " والشيخ قد نقل الرواية المذكورة بعينها في التهذيب وساق الحديث إلى أن قال: " فإن خرج الدم من الجانب الأيسر فهو من الحيض وإن خرج من الجانب الأيمن فهو من القرحة " وربما قيل بترجيح رواية التهذيب لأن الشيخ أعرف بوجوه الحديث وأضبط خصوصا مع فتواه بمضمونها في النهاية والمبسوط.
وفيه أنه لا يخفى على من راجع التهذيب وتدبر أخباره ما وقع للشيخ (رحمه الله) من التحريف والتصحيف في الأخبار سندا ومتنا وقلما يخلو حديث من أحاديثه من علة في سند أو متن، وأما فتواه (رحمه الله) فالكلام فيها أظهر من أن يخفى على