ويمكن الاستدلال على ذلك أيضا بقوله عز وجل: " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا " (1) بالتقريب الذي ذكره مولانا الرضا (عليه السلام) في رواية الوشاء (2) حيث استدل على تحريم التولية بالآية المذكورة والرواية وإن كان موردها الوضوء وصب الحسن الوشاء عليه الماء إنما هو للوضوء إلا أن قوله (عليه السلام) في الخبر المذكور بعد الاستدلال بالآية: " وها أنا ذا أتوضأ للصلاة وهي العبادة فأكره أن يشركني فيها أحد " يشعر بأن التولية في طهارة العبادة التي لا تستباح إلا بها مطلقا نوع من أنواع الشرك، وقد تقدم بيان معنى الخبر المذكور ودلالته على التحريم وأن مورده التولية دون الاستعانة كما توهمه جملة من أصحابنا (رضي الله عنهم).
(الثانية عشرة) - قد صرح الأصحاب من غير خلاف يعرف بإزالة النجاسة عن البدن أولا ثم الغسل ثانيا، إلا أنهم اختلفوا في أن ذلك هل هو على جهة لوجوب أو الاستحباب؟ قولان: ظاهر القواعد الأول، ونقله بعض مشايخنا عن جملة من الأصحاب أيضا، وصريح العلامة في النهاية الثاني، وبه جزم ثاني المحققين في شرح القواعد، وقبله أيضا أول الشهيدين على ما نقله شيخنا المتقدم ذكره، بمعنى أن الواجب إنما هو تطهير المحل النجس أولا قبل اجراء ماء الغسل عليه بحيث كلما طهر شيئا غسله تدريجا، وأما تقديم ذلك على أصل الغسل فهو الأفضل.
وربما أيد الأول ظواهر الأخبار الواردة في كيفية الغسل (3) حيث اشتملت على عطف الغسل على الأمر بالإزالة ب " ثم " المرتبة ولعل " ثم " في هذا المقام منسلخة عن الترتيب، إذ لا يعقل لوجوب التقديم على أصل الغسل وجه، لأن الغرض