بوجوب الغسل عليها في الصورة المذكورة ولم يعمل بالرواية لعموم " الماء من الماء " (1) ولا يخفى ضعفه. فإن حديثه عام أو مطلق وهذا خاص أو مقيد ومقتضى القاعدة تقديم العمل به.
(الموضع الثاني) - لو أجنب ولم ينزل فهل يستحب أيضا له الاستبراء بالبول أم لا؟
ظاهر جملة من الأصحاب (رضي الله عنهم) الثاني، قال في المنتهى: " لو جامع ولم ينزل لم يجب عليه الاستبراء، ولو رأى بللا يعلم أنه مني وجب عليه الإعادة، أما المشتبه فلا لأنا إنما حكمنا هناك بكون البلل منيا بناء على الغالب من استخلاف الاجزاء بعد الإنزال، وهذا المعنى غير موجود مع الجماع الخلي من الإنزال " وبذلك صرح الشهيدان والمحقق الشيخ علي (رحمهم الله) قال في الذكرى: " إنما يجب الاستبراء أو يستحب ويتعلق به الأحكام للمنزل، أما المولج بغير أنزال فلا لعدم سببه. هذا مع تيقن عدم الإنزال، ولو جوزه أمكن استحباب الاستبراء أخذا بالاحتياط، أما وجوب الغسل بالبلل فلا. لأن اليقين لا يرفع بالشك " انتهى.
واعترضهم في الذخيرة فقال: " ويرد عليهم عموم الروايات كما ستطلع عليه من غير تفصيل، وانتفاء الفائدة ممنوع إذ عسى أن ينزل ولم يطلع عليه واحتبس شئ في المجاري لكون الجماع مظنة نزول الماء " انتهى.
أقول: لا ريب في أن الروايات في هذه المسألة وإن كانت مطلقة كما ذكره إلا أن اطلاقها إنما وقع من حيث معلومية الحكم وظهوره، فإنه لا يخفى على ذي مسكة أن المستفاد من الأخبار المذكورة أن العلة في الأمر بالبول هو تنقية المخرج لئلا يخرج بعد ذلك شئ يوجب إعادة الغسل، ولا يعقل لاستحباب البول بمجرد الايلاج سيما مع تيقن عدم الإنزال وجه وإن شمله اطلاق الأخبار المذكورة. وأما قوله: " وعسى أن ينزل... "