قال: ويجوز أن يكون عند الارتماس يسقط مراعاة الترتيب كما يسقط عند غسل الجنابة فرض الوضوء. قلت: هذا محافظة على وجوب الترتيب المنصوص عليه بحيث إذا ورد ما يخالفه ظاهرا أول بما لا يخرج عن الترتيب، ولو قال الشيخ إذا ارتمس حكم له أولا بطهارة رأسه ثم الأيمن ثم الأيسر ويكون مرتبا، كان أظهر في المراد، لأنه إذا خرج من الماء لا يسمى مغتسلا، وكأنه نظر إلى أنه ما دام في الماء ليس الحكم بتقدم بعض على الآخر أولى من عكسه، لكن هذا يرد في الجانبين عند خروجه إذ لا يخرج جانب قبل آخر " انتهى كلام الذكرى.
أقول: والظاهر أن أصل القول المذكور وما وجه به من الاحتمالين وفرع عليه من الفائدتين تكلف محض في البين: (أما أولا) - فلأن صريح الأخبار الواردة في المسألة الدلالة على اجزاء الارتماس دفعة واحدة وفراغ الذمة به من الغسل الواجب، وهو بيان لأحد نوعي الغسل، فإنه كما يقع ترتيبا - كما تقدم - يقع ارتماسا، فلا حاجة إلى الجمع بين الأخبار الطرفين كما ذكره الشيخ (قدس سره) ووجهه في الذكرى بأنه محافظة على وجوب الترتيب المنصوص، إذ لا دلالة في أخبار الترتيب على الاختصاص والحصر فيه ليحتاج إلى حمل هذه الأخبار على الترتيب الحكمي كما ذكروه. و (أما ثانيا) - فلأنه لا معنى لهذا الترتيب الحكمي بكلا معنييه، أما ما ذكره الشيخ في الاستبصار فيما أورده عليه في الذكرى، وأما ما ذكره الفاضلان فلأن قصد الترتيب واعتقاده فيما لا ترتيب فيه خارجا غير معقول، ومن ذلك يعلم حال التفريع على القولين.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن مورد أخبار الارتماس غسل الجنابة خاصة، وظاهر الأصحاب (رضوان الله عليهم) تعدية الحكم إلى ما عداه من الأغسال، والظاهر أنه من باب العمل بتنقيح المناط القطعي لعدم معلومية الخصوصية للجنابة في المقام، قال شيخنا الشهيد (قدس سره) في الذكرى - بعد ايراد روايتي زرارة والحلبي المتقدمتين - ما لفظه: " والخبران وإن وردا في غسل الجنابة ولكن لم يفرق أحد بينه وبين غيره.