الأخبار وفعله النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) من بعده إنما هو الترتيبي الذي هو عبارة عن التعدد في الغسل مرتين أو ثلاثا، والغسل الارتماسي إنما وقع رخصة كما عرفت، نبه (عليه السلام) على أنه لا يحتاج في الغسل الارتماسي إلى رمس كل عضو على حدة أو إلى ارتماسات متعددة لأجل كل عضو، بل تكفي ارتماسة واحدة، فالوحدة هنا احتراز عن التعدد المعتبر في الغسل الأصلي لا بمعنى الدفعة، وحينئذ فلو حصل فيها تأن ينافي الدفعة العرفية لم يضر بصحة الغسل، إلا أن ما ذكروه (رضوان الله عليهم) أحوط.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن الظاهر أنه لا ترتيب حكميا في الغسل الارتماسي كما هو اختيار الشيخ في المبسوط، ونقل فيه عن بعض الأصحاب أنه يترتب حال الارتماس حكما، قال شيخنا الشهيد في الذكرى بعد نقله ذلك عنه: " وما نقله الشيخ يحتمل أمرين:
(أحدهما) - وهو الذي عقله عنه الفاضل أنه يعتقد الترتيب حال الارتماس، ويظهر ذلك من المعتبر حيث قال: وقال بعض الأصحاب يرتب حكما. فذكره بصيغة الفعل المتعدي وفيه ضمير يعود إلى المغتسل، ثم احتج بأن اطلاق الأمر لا يستلزم الترتيب والأصل عدم وجوبه، فيثبت في موضع الدلالة، فالحجة تناسب ما ذكره الفاضل. (الأمر الثاني) - أن الغسل بالارتماس في حكم الغسل المرتب بغير الارتماس، وتظهر الفائدة لو وجد لمعة مغفلة فإنه يأتي بها وبما بعدها، ولو قيل بسقوط الترتيب بالمرة أعاد الغسل من رأس لعدم الوحدة المذكورة في الحديث، وفيما لو نذر الاغتسال مرتبا فإنه يبرأ بالارتماس.
لا على معنى الاعتقاد المذكور لأنه ذكره بصورة اللازم المسند إلى الغسل أي يترتب الغسل في نفسه حكما وإن لم يكن فعلا، وقد صرح في الاستبصار بذلك لما أورد وجوب الترتيب في الغسل وأورد اجزاء الارتماس، فقال: لا ينافي ما قدمناه من وجوب الترتيب لأن المرتمس يترتب حكما وإن لم يترتب فعلا، لأنه إذا خرج من الماء حكم له أولا بطهارة رأسه ثم جانبه الأيمن ثم جانبه الأيسر، فيكون على هذا التقدير مرتبا،