والثلاثة، وهو المفهوم من الأخبار المتقدمة. وأما ما في المنتهى - من عدم جواز الحمل على التخيير لعدم جواز التخيير في الواجب، ثم قال: " بل التفصيل اعتمادا على اجتهاد المرأة في قوة المزاج وضعفه الموجبين لزيادة الحيض وقتله " - فالظاهر ضعفه، وكيف والتخيير في الواجب واقع في جملة من الأحكام، مثل تخيير المسافر في المواضع الأربعة والتخيير في ذكر الأخيرتين والتخيير في ذكري الركوع والسجود وأمثال ذلك، وأما حمل الأخبار المذكورة على مزاج المرأة فبعده أظهر من أن يخفى. وأما ما نقل عن المرتضى فيدل عليه مرسلة عبد الله بن المغيرة المتقدمة (1) وموثقة يونس بن يعقوب (2) قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) امرأة رأت الدم في حيضها حتى جاوز وقتها متى ينبغي لها أن تصلي؟ قال تنتظر عدتها التي كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أيام فإن رأت الدم دما صبيبا فلتغتسل في وقت كل صلاة " قال الشيخ (رحمه الله): " معنى قوله بعشرة أيام إلى عشرة أيام وحروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض " وطعن فيهما في المدارك بضعف السند. وفيه ما عرفت في غير موضع. وكيف كان فالعمل بكل ما دلت عليه الأخبار المذكورة وجه الجمع بينها. والله العالم.
(الثالث) - قد صرح الأصحاب أنه إن انقطع دمها على العاشر كان ذلك كاشفا عن كون العشرة حيضا فتقضي صوم العشرة وإن كانت قد صامت بعضها، وإن تجاوز العشرة كان ذلك كاشفا عن كون الزائد على العادة طهرا وأن صومها وصلاتها بعد أيام الاستظهار كانا صحيحين ووجب عليها قضاء ما أخلت به منهما أيام الاستظهار.
ولم نقف لهم في هذا التفصيل على دليل بل ظواهر الأخبار ترده، وكأنهم بنوا الحكم بكون العشرة كملا حيضا لو أنقطع الدم عليها على القاعدة المشهورة بينهم بأن كل ما أمكن كونه حيضا فهو حيض. وهي محل البحث كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في محله، مع أن الأخبار المتقدمة ظاهرة في أنه متى زاد الدم على أيام العادة فإن الواجب عليها الاستظهار بالأيام المذكورة