عند الفقهاء بالمتحيرة لتحيرها في نفسها والمحيرة للفقيه في أمرها، وظاهر الأصحاب رجوع المضطربة بتفسيرها إلى التمييز، وعلله في المدارك بعموم الأدلة الدالة على ذلك ثم نقل عن بعض المحققين أنه قال: وقد تقدم أن المضطربة من نسيت عادتها إما عددا أو وقتا أو عددا ووقتا، والحكم برجوعها إلى التمييز مطلقا لا يستقر لأن ذاكرة العدد الناسية للوقت لو عارض تمييزها عدد أيام العادة لم ترجع إلى التمييز بناء على ترجيح العادة على التمييز، وكذا القول في ذاكرة الوقت ناسية العدد، ويمكن الاعتذار عنه بأن المراد برجوعها إلى التمييز ما إذا طابق تمييزها العادة بدليل ما ذكره من ترجيح العادة على التمييز. هذا كلامه (رحمه الله) ثم قال: " ولا يخفى أنه على هذا الاعتذار لا يظهر لاعتبار التمييز فائدة، ويمكن أن يقال باعتبار التمييز في الطرف المنسي خاصة أو تخصيص المضطربة بالناسية للوقت والعدد " انتهى.
أقول: لا يخفى أنه لم يرد في الأخبار ما يدل على معنى المضطربة وحكمها من الرجوع إلى التمييز إلا رواية يونس المشار إليها (1) وقد عرفت أن الذي تضمنته إنما هو ناسية الوقت والعدد خاصة، وأما من لم تستقر لها عادة - كما فسرها به في المعتبر أو ناسية العدد خاصة كما ذكره المحقق المشار إليه - فلا أعرف له مستندا، ومنه يظهر عدم ورود ما أورده من الاشكال الذي تكلف الجواب عنه. ويمكن استفادة المضطربة بالمعنى الذي ذكره المحقق المشار إليه وهي الناسية للعدد خاصة أو الوقت خاصة بما ورد في رواية إسحاق بن جرير (2) حيث قال فيها: " قالت فإن الدم يستمر بها الشهر والشهرين والثلاثة فكيف تصنع بالصلاة؟ قال تجلس أيام حيضها ثم تغتسل لكل صلاتين. قالت له أن أيام حيضها تختلف عليها وكان يتقدم الحيض اليوم واليومين والثلاثة ويتأخر مثل ذلك فما علمها به؟ قال: دم الحيض ليس به خفاء هو دم حار تجد له حرقة ودم الاستحاضة