المختار في المسألة من أنه يصلي إلى أي جهة شاء فيكون هنا كذلك أيضا. وأما ما احتمله في الذكرى بناء على المشهور فالظاهر بعده.
(الثالثة) - الظاهر أنه لا فرق في هذا الحكم بين الصغير والكبير للعموم، قالوا: والظاهر اختصاص الحكم بوجوب الاستقبال بمن يعتقد وجوبه، فلا يجب توجيه المخالف إلزاما له بمذهبه كما يغسل غسله ويقتصر في الصلاة عليه على أربع تكبيرات. أقول:
هذا التفريع إنما يتجه على تقدير الحكم باسلام المخالف ووجوب تغسيله والصلاة عليه ودفنه كما هو المشهور بين متأخري أصحابنا، وأما على ما هو الحق من كفره وعدم جواز تغسيله ولا الصلاة عليه ولا دفنه كما سيظهر لك إن شاء الله تعالى في المباحث الآتية فلا وجه له. والله العالم.
(الموضع الثاني) - المشهور بين الأصحاب بل ادعى عليه الاجماع جمع منهم أن جميع أحكام الميت من توجيهه إلى القبلة وتكفينه وتغسيله وتحنيطه وحفر قبره واجبة كفائية على من علم بموته من المسلمين، قالوا: والمراد من الواجب الكفائي هنا مخاطبة كل من علم بموته من المكلفين ممن يمكنه مباشرة ذلك الفعل به استقلالا أو منضما إلى غيره حتى يعلم تلبس من فيه الكفاية به فيسقط حينئذ عنه سقوط مراعى باستمرار الفاعل عليه حتى يفرغ.
وهل يبقى الوجوب على من علم إلى أن يعلم وقوع الفعل شرعا أو يكتفى بظن قيام الغير به؟ قولان: صرح بالثاني العلامة وجماعة، قالوا لأن العلم بأن الغير يفعل كذا في المستقبل ممتنع ولا تكليف به والممكن تحصيل الظن، ولاستبعاد وجوب حضور أهل البلد الكبير عند الميت حتى يدفن، وفرعوا عليه أنه لو ظن قوم قيام غيرهم به سقط عنهم ولو ظنوا عدمه وجب عليهم. وبالأول صرح شيخنا الشهيد الثاني في الروض وسبطه في المدارك وأجاب في الروض عن الدليل المتقدم بأنه يشكل بأن الظن إنما يقوم مقام العلم مع النص عليه بخصوصه أو دليل قاطع، وما ذكره لا تتم به الدلالة لأن تحصيل العلم بفعل الغير في المستقبل