لأن وصول الماء إلى الجميع بعد الولوج دفعي، وعلى هذا المعنى الذي ذكرناه يدل ظاهر كلام أهل اللغة أيضا قال في المصباح المنير: " رمست الميت رمسا من باب قتل:
دفنته إلى أن قال: ورمست الخبر: كتمته، وارتمس في الماء: انغمس " وفي القاموس " الارتماس الانغماس " وفي مجمع البحرين " وأصل الرمس الستر، ورمست الميت رمسا من باب قتل: دفنته، وارتمس في الماء مثل انغمس " انتهى. وهذه العبارات كلها ظاهرة - كما ترى - في عدم صدق الارتماس إلا بعد الدخول تحت الماء، وحينئذ فلا يظهر فرض هذا الحكم فيه. وأما ما ذكره في الذكرى - من بناء ذلك على الترتيب الحكمي ففيه ما تقدم بيانه من أنه لم يقم دليل على الترتيب الحكمي بشئ من معنييه المذكورين فلا ضرورة إلى تكلف التفريع عليه في البين.
(الثانية) - قال في الذكرى أيضا: " لو تخلل الحدث الغسل المكمل بالوضوء أمكن المساواة في طرد الخلاف وأولوية الاجتزاء بالوضوء هنا لأن له مدخلا في اكمال الرفع والاستباحة، وبه قطع الفاضل في النهاية مع حكمه بالإعادة في غسل الجنابة " انتهى.
أقول: لا ريب أن الظاهر أنه متى قلنا بعدم وجوب الوضوء في سائر الأغسال - كما هو الحق في المسألة - فإنه يطرد الخلاف فيها كما في غسل الجنابة، وإنما يبقى الكلام بناء على القول المشهور من وجوب الوضوء معها، فظاهر كلامه في الذكرى احتمال طرد الخلاف أيضا وإن كان الأولى هنا الاجتزاء بالوضوء، والظاهر بعد ما احتمله من طرد الخلاف مع ايجاب الوضوء، بل الظاهر وجوب الاتمام والوضوء كما اختاره في المدارك.
ولعل الوجه في ايجاب العلامة الوضوء هنا مع ايجابه الإعادة في غسل الجنابة هو سقوط الوضوء مع غسل الجنابة لعدم تأثير الحدث الأصغر ثمة بخلاف ما نحن فيه فإنه ثابت بثبوت موجبه. وربما احتمل إعادة الغسل هنا بناء على أن كل واحد من الوضوء والغسل مؤثر ناقص في رفع الحدث المطلق، فحصول تأثيرهما موقوف على حصولهما تأمين، فإذا حصل الحدث في الأثناء لم يكف الاتمام والوضوء ويحتاج إلى إعادة الغسل. والتحقيق