(المسألة الرابعة) - الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في أن من وجب عليه القتل يؤمر بالاغتسال والتحنيط والتكفين ثم يقام عليه الحد ولا يغسل بعد ذلك، قال في الذكرى: " ولا نعلم فيه مخالفا من الأصحاب ".
أقول: ويدل عليه ما رواه في الكافي عن مسمع كردين عن الصادق (عليه السلام) (1) قال: " المرجوم والمرجومة يغتسلان ويتحنطان ويلبسان الكفن قبل ذلك ثم يرجمان ويصلى عليهما، والمقتص منه بمنزلة ذلك يغتسل ويتحنط ويلبس الكفن ثم يقاد ويصلى عليه " ورواه الصدوق عن أمير المؤمنين (عليه السلام) مرسلا.
وقال (عليه السلام) في الفقه الرضوي (2): " وإن كان الميت مرجوما بدئ بغسله وتحنيطه وتكفينه ثم يرجم بعد ذلك وكذلك القاتل إذا أريد قتله قودا ".
أقول: قد قدمنا في فصل غسل المس (3) ما في هذه المسألة من الاشكال ولولا اتفاق الأصحاب قديما وحديثا على الحكم المذكور لأمكن المناقشة فيه لخروجه عن مقتضى القواعد الشرعية والأصول المرعية كما تقدم التنبيه عليه.
تنبيهات: (الأول) - هل يختص الحكم المذكور بزنا أو قود كما هو مورد الخبرين أو يشمل كل من وجب قتله؟ ظاهر الأصحاب الثاني وبه صرح في الذكرى للمشاركة في السبب. والأظهر الأول قصرا للحكم المخالف للأصول - كما عرفت - على مورده.
(الثاني) - قد عبر الأصحاب في هذه المسألة بأنه يؤمر من وجب عليه الحد بالاغتسال والتحنيط والتكفين، قالوا: والآمر هو الإمام أو نائبه. وأنت خبير بأن الخبر الذي هو مستند الحكم عندهم خال من ذلك وكذا الخبر الذي نقلناه وإنما ظاهرهما وجوب ذلك على المرجوم والمقتص منه، نعم يمكن تخصيص الأمر بما إذا كان جاهلا بذلك فيؤمر به وإلا فإنه لا نعلم لهم مستندا لهذا الاطلاق.