الثخانة والغلظة وقوة الدفع التي هي من صفات دم الحيض وما قابلها الذي هو من صفات دم الاستحاضة. وفي الفقه الرضوي (1) قال (عليه السلام): " والحامل إذا رأت الدم في الحمل كما كانت تراه تركت الصلاة أيام الدم فإن رأت صفرة لم تدع الصلاة " وهذه الأخبار كلها ظاهرة في اعتبار التمييز في دمها بأنه إن كان بصفة الحيض تحيضت وإلا عملت عمل المستحاضة، ولم أقف على من تنبه لهذا التفصيل من كلام الصدوق ولا من هذه الأخبار مع ظهور الجميع في ذلك. وبالجملة فإن ظاهر الأصحاب القائلين بتحيضها هو التحيض بما تراه لا سيما في أيام العادة مطلقا وعليه تدل ظواهر الأخبار المتقدمة، وهذه الأخبار صريحة في التفصيل كما ترى، ووجه الجمع بينها وبين الأخبار المتقدمة ممكن أما بحمل الأخبار الأولة على الدم في أيام العادة وهذه على ما لم يكن كذلك، وأما بابقاء الأدلة على اطلاقها وتقييدها بهذه الأخبار وحينئذ فيعتبر التمييز فيها. والله العالم.
(المقصد الثاني) - في ما يترتب عليه بعد معلومية كونه حيضا، وذلك إما أن تكون مبتدأة أو ذات عادة أو مضطربة، ويدل على هذا التقسيم مع بعض أحكام كل من الأقسام الثلاثة رواية يونس الطويلة، وأنا أذكرها بطولها لعموم نفعها وجودة محصولها، وهي ما رواه ثقة الاسلام في الكافي والشيخ في التهذيب (2) عن يونس عن غير واحد " سألوا أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحيض والسنة في وقته فقال (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سن في الحيض ثلاث سنن بين فيها كل مشكل لمن سمعها وفهمها حتى لم يدع لأحد مقالا فيه بالرأي، أما إحدى السنن فالحائض التي لها أيام معلومة قد أحصتها بلا اختلاط عليها ثم استحاضت واستمر بها الدم وهي في ذلك تعرف أيامها ومبلغ عددها، فإن امرأة يقال لها فاطمة بنت أبي حبيش استحاضت فأتت أم سلمة فسألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك فقال تدع الصلاة قدر أقرائها أو قدر حيضها وقال إنما هو عزف وأمرها أن تغتسل وتستثفر بثوب وتصلي، قال أبو عبد الله