إن المراد من الخبر الدال على أن الولي هو الأولى بالميراث إنما هو الكناية عن القرب إلى الميت المستلزم للإرث لو لم يمنع منه مانع لا أن المراد الإرث بالفعل، فالتقديم إنما هو تابع للقرب إلى الميت لأن مراتب الإرث مترتبة بترتب القرب فكل مرتبة أقرب تقدم على ما بعدها، وعلى هذا فالقرب إلى الميت موجب للإرث وموجب للولاية عليه بعد موته ومنع القتل ظلما - مثلا - من الإرث لا يوجب المنع من الأولوية. وبالجملة فإن ما ذكرناه من الاحتمال أقرب قريب في المقام.
(الثالث) - لو كان الأولياء رجالا ونساء فظاهر الأصحاب أن الرجال أولى لكن هل يفرق في ذلك بين ما إذا كان الميت ذكرا أو أنثى فتخص أولوية الرجال بالأول دون الثاني فتكون النساء أولى بغسل بعضهن بعضا، أم لا فرق فلو كان الميت امرأة ولا يمكن الولي مباشرة غسلها أذن للنساء فلا يصح الغسل بدون إذنه؟ قولان:
وبالأول صرح المحقق الشيخ علي في شرح القواعد، وبالثاني جزم أكثر المتأخرين ومنهم - الشهيد الثاني في الروض، قال بعد نقل القول الثاني عن المصنف وغيره: " وربما قيل إن ذلك مخصوص بالرجال أما النساء فالنساء أولى بغسلهن ولم يثبت، وامتناع المباشرة لا يستلزم انتفاء الولاية " واعترضه سبطه في المدارك بأنه قد يقال إن الرواية المتقدمة التي هي الأصل في هذا الحكم إنما تتناول من يمكن وقوع الغسل منه ومتى انتفت دلالتها على العموم وجب الرجوع في غير ما تضمنته إلى الأصل والعمومات. انتهى. وأشار بالرواية إلى رواية غياث بن إبراهيم المتقدمة (1). أقول: ما ذكره وإن احتمل في الرواية المذكورة حيث إنها تشعر بمباشرة الولي للغسل إلا أنه لا يتم في الروايتين اللتين بعدها مما قدمناه (2) لتضمنهما الولي أو من يأمره وهو أعم من مباشرة الولي إن أمكن المباشرة أو الأمر لغيره إن تعذرت المباشرة، على أن الرواية التي تعلق بها لا بد من تقدير هذا المعنى فيها أيضا وإلا لزم أنه لو تعذرت المباشرة على الولي لمرض ونحوه انتفى الغسل