فتعذرت أو تعلمت من غيره ولو عقد مرتين على مهرين من غير تخلل فراق فالثابت الأول عندنا سرا كان أو جهرا وهو ظاهر وللشافعي قول بأن المهر مهر السر واخر بأنه مهر العلانية ونزلا على اتحاد العقد والتواطئ على إرادة شئ والتلفظ باخر مخالف له قدرا أو نحوه كان يتوطأ على اصداق الف والتلفظ في العقد بألفين فان فيه حينئذ وجهين اعتبار ما توطأ عليه فان الذي به التراضي وعدم قصد الألفين مثلا من لفظهما فهو كايقاع العقد لاغيا ويؤيده خبر زرارة عن الباقر صلوات الله عليه في رجل أسر صداقا وأعلن أكثر منه فقال هو الذي أسر وكان عليه النكاح والصواب حمله على أن يعقد عليه سرا وإرادة ذلك من قوله وكان عليه النكاح واعتبار اللفظ لأنه الذي وقع عليه العقد ولا يعدل في الألفاظ عن موضوعاتها باصطلاح خاص بين اثنين وهو اختيار المبسوط والمهذب ولا يبعد القول بفسادهما لخلو العقد عن الأول وخلو لفظه عن قصد الثاني والمهر مضمون على الزوج عينا كان أو دينا ما دام في يد الزوج أو ذمته إلى أن تسلمه لكن في ضمان العين هل هو ضمان معاوضة لقوله تعالى وأتوهم أجورهن والتعبير بلفظ المعاوضة في نحو زوجتك بكذا وجواز امتناعها من التمكين قبل القبض و رده بالعيب أو ضمان يد كضمان الوديعة والعارية المضمونة والمقبوض بالسوم لعدم محوضة المعاوضة وتسميته نحلة في الكتاب وجواز خلو النكاح عنه وعدم انفساخه بتلفه وعدم سقوطه بامتناعها من التمكين إلى الموت وجهان والمعروف عندنا الثاني فان تلف قبله أي التسليم يفعل لأن المرأة برئ وكان الاتلاف قبضا وهو ظاهر وان (لو) تلف بفعل أجنبي تخيرت بين الرجوع (على) إلى الأجنبي أو الزوج وان رجعت على الزوج يرجع الزوج عليه أي الأجنبي وان تلف بفعل الزوج أو بغير فعل أحد رجعت عليه بمثله فإن لم يكن مثليا فالقيمة لكون الضمان ضمان اليد وعلى كونه ضمان المعاوضة ينفسخ الصداق ويرجع إلى مهر المثل كما أنه إذا تلف الحد العوضين في البيع قبل القبض انفسخ البيع ولا ينفسخ النكاح لان الصداق ليس من أركانه وإذا رجعت بالقيمة فيحتمل أكثر ما كانت القيمة من حين العقد إلى حين التلف لأنه مضمون في جميع الأحوال في جميع المدة فالأكثر مضمون ويحتمل القيمة حين التلف كما في المبسوط لأنه مضمون في جميع الأحوال لكن بغير تعد منه ليلزمه أعلى القيم من يوم التعدي إلى التلف كما في المغصوب فإنما عليه القيمة يوم الانتقال إليها وهو يوم التلف واحتمل القيمة يوم الاصداق وهو ضعيف هذا ان لم تطالبه بالتسليم أما لو طالبته بالتسليم حين كانت له المطالبة فمنعها لا لعذر فتلف فعلى الأول كان الحكم ما تقدم من أنه يضمنه بأكثر ما كانت قيمة من حين (العقد إلى حين التلف وأما على الثاني فيختلف الحكم لأنه حينئذ يضمنه بأكثر ما كانت قيمته من حين) المطالبة إلى حين التلف كأم نص عليه في مبسوط لأنه حينئذ غاصب وقد يقال بضمان قيمة يوم التلف حينئذ أيضا لما عرفت من أنه حين الانتقال إلى القيمة وهو ظاهر شرائع ولو تعيب في يده قيل في الخلاف والمهذب وموضع من المبسوط تخيرت في أخذه مع الأرش أو أخذ القيمة لأن العقد وقع عليه سليما فإذا تعيب كان لها رده والأقرب انه ليس لها الا أخذه وأخذ أرشه فإنه مضمون باليد دون المعاوضة فهو ملكها وانما لها الأرش ولها أن يمتنع قبل الدخول من تسليم نفسها حتى يقبض المهر اتفاقا لان النكاح مع الاصداق معاوضة ولكل من المتعاوضين الامتناع من التسليم حق يقبض العوض ولخبر زرعة عن سماعة سئله عن رجل تزوج جارية أو تمتع بها ثم جعلته في حل من صداقها يجوز أن يدخل بها قبل أن يعطيها شيئا قال نعم إذا جعلته في حل فقد قبضته منه وللحرج والعسر والضرر فان امتنعا جميعا من التسليم حتى يقبض أودع المهر من يثقان به فإذا وطئها قبضته ويحتمل اجبار الزوج على التسليم لان فائت المال يستدرك دون البضع والايقاف إلى أن يبادر أحدهما بالتسليم فيجبر الأخر سواء كان الزوج موسرا أو معسرا إذ لا يختلف بذلك حال المعاوضة والمتعاوضين وقد يفهم من سرائر منعها من الامتناع مع الاعسار وأفتى به في بعض فتاويه لامتناع المطالبة ويضعف بأن امتناع المطالبة لا يوجب تسليم العوض وهل لها ذلك أي الامتناع بعد الدخول قبل القبض خلاف ففي المقنعة والمبسوط لها ذلك فان أحد العوضين وهو منفعة البضع متجدد لا يمكن قبضه جملة والمهر بإزاء الجميع فبالتسليم مرة لم يحصل الاقباض فجاز الامتناع ولعموم العسر والحرج والضرر في الانتصار والنهاية والخلاف والمهذب والجواهر والوسيلة والغنية والسرائر والجامع و " فع وئع " ليس لها الامتناع لتحقق الاقباض بالوطي مرة ولذا يستقر به المهر ولوجوب التمكين عليها خرج التمكين أولا قبل القبض بالاجماع فيبقي الباقي على أصله وللاجماع كما في سرائر ولو كان المهر كله مؤجلا لم يكن لها الامتناع قطعا لثبوت حقه عليها حالا من غير معارض فان امتنعت وحل المهر لم يكن لها الامتناع أيضا على رأى وفاقا للأكثر لاستقرار وجوب التسليم عليها قبل الحلول فيستصحب ولأنهما عقد أو تراضيا على أن لا يقف تسليم البضع على تسليم المهر ويحتمل جواز الامتناع لمساواته بعد الحلول للحال ولم يعقدا على التسليم قبل التسليم بعده ولا استقرار عليها الا الوجوب قبله ولان الأصل في المتعاوضين جواز الامتناع من التسليم قبل التسلم وانما يتخلف لمانع من تأجيل أحدهما دون الأخر فالزمان قبل الحول مانع من الامتناع فإذا حل ارتفع المانع وفيه أن الأصل انما هو استحقاق التسلم بالتسليم أو استحقاق كل منهما على الأخر التسليم لا الامتناع وانما يجب تسليمه أي المهر لو كانت متهيأة للاستمتاع فإن كانت محبوسة أو ممنوعة بعذر غيره كمرض وحيض لم يلزم التسليم فإنه لا يجب التسليم إذا تعذر التسلم مع حلول العوضين ولو كانت صبية فامتنع الاستمتاع بها لذلك فالأقرب وجوب التسليم مع طلب الولي لأنه الان مستحق عليه ولا يستحق الاستمتاع عليها فهو بمنزلة تأجيل أحد العوضين دون الأخر وفي مبسوط والكافي العدم لتعذر التقابض ولو منعت الزوجة مع تهيؤها للاستمتاع من التمكين لنفسها لا للتسليم أي تسليم المهر إليها ففي وجوب التسليم للمهر على الزوج اشكال من صدق الامتناع من التسليم وإن لم يكن لأجل التسلم ومن أن تسلم المهر انما يجب إذا امتنعت من التسليم لتسلمه فإنه الامتناع المشروع فإذا امتنعت لغيره لم يبذل نفسها فلم يستحق عليه المهر ولو مكنت كان لها الطلب وان لم يطأ فان تسليمها انما هو التمكين فان رجعت إلى الامتناع يسقط طلبها الا إذا وطئها فان المهر انما يستقر بالوطي ولم يحصل وان حصل التمكين ولو دفع الصداق فامتنعت من التمكين أجبرت عليه ان لم يكن لها عذر لوجود المقتضى لوجوبه وانتفاء المعارض وليس له الاسترداد فإنه حق لها فهو كالدين المؤجل إذا تبرع المديون بتعجيل أدائه قيل وعلى القول بوجوب تسليم المهر على الزوج أولا له الاسترداد فإنه يدفعه مراعى بسلامة العوض له فإذا امتنعت من التمكين أسترد وإذا أسلم الصداق فعليه أن يمهلها مدة استعدادها بالتنظيف والاستحداد أي إزالة الشعر بالحديد أو غبره كما في مبسوط لجرى العادة به ولأنه ربما ينفر عنها ان لم يستعد له وربما يفهم من النهى عن طروق الأهل ليلا وقوله صلى الله عليه وآله أمهلوا كي تمتشط الشعثة ويستحد المغيبة واما التحديد بيوم وبيومين وثلثه كما في مبسوط فلعل المراد به التمثيل وانما العبرة بزمان يستعد فيه ونص في مبسوط على أنها ان استمهلت أكثر من ثلثه لم تمهل لان الثلاثة تتسع لاصلاح حالها واستقرب في تحرير عدم وجوب الامهال للأصل ولا شبهة في أنه ليس عليه أن يمهلها لأجل تهية الجهاز ولا لأجل الحيض لامكان الاستمتاع بغير القبل منها ولو كانت صغيرة لا تطيق الجماع وان بلغت تسعا فصاعدا أو مريضة كذلك وجب الامهال أما
(٧٩)