قال السيد فان قيل كيف يستخيرون ادعاء الاجماع من الامامية في هذه المسألة وأبو علي بن الجنيد يصرح بالخلاف فيها ويذهب إلى أنه لا يجوز للحاكم أيحكم بعلمه في شئ من الحقوق ولا الحدود قلنا لا خلاف بين الامامية في هذه المسألة وقد تقدم اجماعهم عدا ابن الجنيد وتأخر عنه وانما عول ابن الجنيد فيها على ضرب من الرأي و الاجتهاد وخطأه ظاهر وكيف يخفي اطباق الامامية على وجوب الحكم بل بالعلم وهم ينكرون توقف أبي بكر عن الحكم لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله بفدك لما ادعت انه نحلها أبوها ويقولون إذا كان عالما بعصمتها وطهارتها ولأنها يدعي الا حقا فلا وجه لمطالبتها بإقامة البينة لان البينة لا وجه لها مع العلم بالصدق فكيف خفي علي ابن الجنيد هذا الذي لا يخفي على أحد ثم ذكر الاخبار المتضمنة لما ذكرنا من فعل علي عليه السلام بخصم النبي صلى الله عليه وآله وقوله لشريح وخبر ذي الشهادتين ثم قال فمن يروي هذه الأخبار مستحسنا لها معولا عليها كيف يجوز أن يشك في أنه كان يذهب إلى أن الحاكم يحكم بعلمه لولا قلة تأمل ابن الجنيد ثم استدل باطلاق آيتي السرقة والزنا قال فمن علمه الامام سارقا أو زانيا قبل القضاء أو بعده فواجب عليه أن يقضي بما فيه أوجبته الآية من إقامة الحد قال وإذا ثبت ذلك في الحدود فهو ثابت في الأموال ثم اعترض باحتمال الآيتين الاختصاص بالاقرار أو الثبوت بالبينة وأجاب بأن حقيقة الزاني من فعل الزنا والسارق من فعل السرقة لا من أقروا شهد شاهد عليه وان جاز أن لا يكون فعلهما وأيضا فالاقرار والبينة انما اعتبر لكشفهما عن الامر الغالب بالظن فالعلم اليقيني أولى وأيضا لو لم يجز الحكم بالعلم الوقف الحكم أو فسق الحاكم في نحو ما إذا طلق بحضرته ثلاثا ثم جحد الطلاق فان القول قوله مع اليمين فان استحلفه وسلمها إليه فسق والا وقف الحكم وكذا إذا أعتق الرجل بحضرته ثم جحد واما أن تسلم العبد إليه فيفسق أو يقف الحكم وفي الانتصار علن أبي علي أنه لا يجوز للحاكم أن يحكم بعلمه في شئ من الحقوق لا من والحدود وقال السيد (ره) وروايته يفرق بين علم النبي صلى الله عليه وآله وعلم خلفائه وحكامه وهذا غلط منه لان علم العالمين بالمعلومات لا يختلف فعلم كان أحد بمعلوم بعينه كعلم كل عالم به وكما أن الامام أو النبي صلى الله عليه وآله إذا شاهدا رجلا يزني أو يسرق فهما عالمان بذلك علما صحيحا لا فكذا من علم مثل ما علماه من خلفائهما والتساوي في ذلك موجود انتهي وقد استدل لذلك بوجوه منها قوله عليه السلام لو أعطي الناس بدعاويهم لادعي قوم دماء قوم وأموالهم لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر ومنها انه لو حكم بعلمه لزكي نفسه وعرضها للتهمة ومنها قوله عليه السلام في قضية الملاعنة لو كنت راجما من غير بينة لرجمتها والخبران مع تسليم سندهما ليسا من الدلالة في شئ فان العلم أقوى البينات والاعطاء به ليس من الاعطاء بالدعوى مع وجوب التقييد المطلق بالدليل ويمكن ان يكون عليه السلام تفرس من الملاعنة الكذب من غير أن يكون شاهدها تزني والتهمة ربما تجري مع البينة خصوصا وفي الانتصار والمبسوط انه لا خلاف في الحكم بالعلم في الجرح والتعديل والتزكية لازمة بتولي القضاء أو بالجرح أو التعديل بالعلم وفي (ط) والذي يقتضيه مذهبنا وروايتنا ان للامام أن يحكم بعلمه واما من عداه من الحكام فالأظهر ان لهم أن يحكموا بعلمهم وقد روى أنه ليس له أن يحكم بعلمه لما فيه من التهمة وجوز ابن حمزة الحكم بالعلم في حقوق الناس دون حقوق الله لابتنائها على المسامحة والرخصة والسرو في حدود النهاية إذا شاهد الامام من يزني أو يشرب الخمر كان عليه أن يقيم الحدود ولا ينتظر مع شاهدته قيام البينة والاقرار وليس ذلك لغيره بل هو مخصوص به وغيره وان شاهد يحتاج إلى أن يقوم بينة أو اقرار من الفاعل وعن ابن أبي علي الحكم في حدود الله دون حقوق الناس ولا يشترط في حكمه بعلمه حضور شاهد للحق يشهد الحكم أي يحضره كما قاله الحسن بن (حسن) في الحدود انه علم (قبل القضاء لا يقتضي في حقوق الناس الا بعد الاستحلاف وفي الحدود ان علم صح) بعد القضاء فلا يقضي حتى يشهد (؟؟ الزنى ثلاثة وفي غيره واحد وقال الأوزاعي انه يشهد معه رجل اخر في القذف؟؟ تحده وقال ليث لا يحكم في حقوق الناس حتى يشهد معه اخر وقال ابن أبي ليلى من أقر عند القاضي بدين في مجلس الحكم فالقاضي لا ينفذ ذلك حتى يشهد صح) معه اخر لكن يستحب رفعا للتهمة ولو لم يعلم القاضي بالحال افتقر الحكم إلى حجة فان أقام شاهدين وعلم الحاكم فسق الشاهدين أو كذبهما لم يحكم بشهادتهما وان لم يعلم غيره ذلك وان علم عدالتهما استغني عن المزكي وحكم ان لم يخرجهما غيره من غير استحلاف وأوجب بعض العامة الاستحلاف مع البينة وفي (ط) والانتصار انه لا خلاف في قضائه بعلمه في الجرح والتعديل ولو لم يكتف بالعلم لا نسد باب الاثبات غالبا للزوم الدور أو التسلسل وان جهل الامر بحث عنهما على ما سيأتي ولا يكفي في الحكم معرفة اسلامهما مع جهل العدالة وفاقا (للمش) ولكن يوقف الحكم حتى يظهر العدالة فيحكم أو الفسق فيطرح و إن كان الأصل عدم الفسق وكان الاسلام ملكة رادعة لصاحبه عنه وذلك لان كثرة وقوعه من المسلمين مما أضعف الأصل وغلبة الأهواء أضعفت الردع وللاشتراط بالعدالة النحو قوله تعالى واشهدوا ذوي عدل منكم فما لم يعلم تحقق الشرط لم يجزو الحكم ولان ابن أبي يعفور في الصحيح سئل الصادق عليه السلام بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم فقال أن يعرفوه بالستر والعفاف وكف البطن والفر ج واليد واللسان ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عليه النار من شرب الخمر والزنا والربا وعقوق الوالدين والفرار من الزحف وغير ذلك والدلالة على ذلك كله أن يكون ساتر الجميع عيوبه حتى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه وتفتيش ما وراء ذلك فيجب عليهم تزكيته واظهار عدالته في الناس ويكون فيه التعاهد للصلاة الخمس إذا واظب عليهن وحفظ مواقيتهن بحضور جماعة من المسلمين وأن لا يتخلف من جماعتهم في مصلاهم الا من علة فإذا كان كذلك لازما للصلاة عند حضور الصلوات الخمس فإذا سئل عنه في قبيلته ومحلته قالوا ما رأينا منه الا خيرا مواظبا على الصلوات متعاهدا وفاتها في مصلاه فان ذلك يجبر شهادته وعدالته بين المسلمين وذلك أن الصلاة ستر وكفارة للذنوب وليس يمكن الشهادة على الرجل بأنه يصلى إذا كان لا يحضر مصلاه ويتعاهد جماعة المسلمين وانما جعل الجماعة والاجتماع إلى الصلوات لكي يعرف من يصلي ممن لا يصلي ومن يحفظ مواقيت الصلاة ممن يضيع ولولا ذلك لم يكن أحدا أن يشهد على اخر بصلاح لان من لا يصلي الاصلاح له بين المسلمين فان رسول الله صلى الله عليه وآله هم بأن يحرق قوما في منازلهم لتركهم الحضور الجماعة المسلمين وقد كان منهم من يصلي في بيته فلم يقبل منه ذلك وكيف يقبل شهادة أو عدالة بين المسلمين ممن جري الحكم من الله عز وجل ومن رسوله صلى الله عليه وآله فيه الحرق في جوف بيته بالنار وقد كان يقول لا صلاة لمن لا يصل في المسجد مع المسلمين الا من علة ولقول الباقر عليه السلام في خبر عبد الكريم بن أبي يعفور يقبل شهادة المرأة والنسوة إذا كن مستورات من أهل البيوتات معروفات بالستر والعفاف مطيعات للأزواج تاركات للبدا والتبرج إلى الرجال في أنديتهم واكتفى (خ) في (ف) بمعرفة اسلامهما الا مع جرح المحكوم عليه فيهما واستدل بالاجماع قال وأيضا الأصل في الاسلام العدالة والفسق طارئ عليه يحتاج إلى دليل وأيضا نحن نعلم أنه ما كان البحث في أيام النبي صلى الله عليه وآله الصحابة ولا أيام التابعين وانما هو شئ أحدثه شريك بن عبد الله القاضي فلو كان شرطا ما أجمع أهل الاعصار على تركه انتهي مع أنه قال بعد ذلك إذا حضر الغرباء في بلد عند حاكم نشهد عنده اثنان فان عرفهما بعدالة حكم وان عرف الفسق وقف وان لم يعرف عدالة ولا فسقا بحث عنهما وسواء كان لهما السيماء الحسنا و المنظر الجميل وظاهر الصدق أو لم يكن واستدل بقوله فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء قال وهذا ن ما ترضى بهما وانما حكى الاكتفاء بالمنظر الحسن عن مالك وظهر في (ط) انه ان عرف اسلامهما دون عدالتهما بحث عنهما سواء الحدود والقصاص وغيرهما قال وقال قوم إن كان ذلك في قصاص أوحد
(٣٣٠)