وإن تجلاها السحاب، يا جابر! هذا من مكنون سر الله ومخزون علمه فاكتمه إلا عن أهله (1).
قال العلامة الطباطبائي رضوان الله تعالى عليه في الفصل الثاني عشر من كلام له في المرابطة في المجتمع الإسلامي، ما نصه:
من الذي يتقلد ولاية المجتمع في الإسلام وما سيرته؟
كان ولاية أمر المجتمع الإسلامي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وافتراض طاعته (صلى الله عليه وآله وسلم) على الناس واتباعه صريح القرآن الكريم، قال تعالى:
* (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول) * (2)، وقال تعالى:
* (لتحكم بين الناس بما أراك الله) * (3)، وقال تعالى:
* (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) * (4)، وقال تعالى: * (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) * (5) إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي يتضمن كل منها بعض شؤون ولايته العامة في المجتمع الإسلامي أو جميعها.
والوجه الوافي لغرض الباحث في هذا الباب أن يطالع سيرته (صلى الله عليه وآله وسلم) ويمتلئ منه نظرا، ثم يعود إلى مجموع ما نزلت من الآيات في الأخلاق والقوانين المشرعة في الأحكام العبادية والمعاملات والسياسات وسائر المرابطات والمعاشرات، فإن هذا الدليل المتخذ بنحو الانتزاع من ذوق التنزيل الإلهي له من اللسان الكافي والبيان الوافي مالا يوجد في الجملة والجملتين من الكلام البتة.
وههنا نكتة أخرى يجب على الباحث الاعتناء بأمرها: وهو أن عامة الآيات - المتضمنة لإقامة العبادات والقيام بأمر الجهاد وإجراء الحدود والقصاص وغير ذلك - توجه خطاباتها إلى عامة المؤمنين دون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصة، كقوله تعالى: * (وأقيموا الصلاة) * (6)، وقوله: * (وأنفقوا في سبيل الله) * (7)، وقوله: * (كتب عليكم الصيام) * (8) وقوله: * (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) * (9) وقوله: * (وجاهدوا في سبيله) * (10) وقوله:
* (وجاهدوا في الله حق جهاده) * (11) وقوله: * (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما) * (12)، وقوله:
* (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) * (13)، وقوله: * (ولكم في القصاص حياة) * (14)، وقوله:
* (وأقيموا الشهادة لله) * (15)، وقوله: * (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) * (16)، وقوله: * (أن أقيموا الدين