أتراه جاءني مناظرا؟ قال: نعم، قال:
يا غلام اخرج فحط رحله وقل له: إذا كان الغد فأتنا، قال: فلما أصبح عبد الله بن نافع غدا في صناديد (1) أصحابه وبعث أبو جعفر (عليه السلام) إلى جميع أبناء المهاجرين والأنصار فجمعهم ثم خرج إلى الناس في ثوبين ممغرين (2) وأقبل على الناس كأنه فلقة قمر (3) فقال:
الحمد لله محيث الحيث (4) ومكيف الكيف ومؤين الأين (5) الحمد الله الذي * (لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض...) * إلى آخر الآية، وأشهد أن لا إله إلا الله [وحده لا شريك له]، وأشهد أن محمدا (صلى الله عليه وآله) عبده ورسوله اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم، الحمد لله الذي أكرمنا بنبوته واختصنا بولايته، يا معشر أبناء المهاجرين والأنصار من كانت عنده منقبة في علي بن أبي طالب (عليه السلام) فليقم وليتحدث.
قال: فقام الناس فسردوا (6) تلك المناقب - فقال عبد الله: أنا أروى لهذه المناقب من هؤلاء وإنما أحدث علي الكفر بعد تحكيمه الحكمين - حتى انتهوا في المناقب إلى حديث خيبر " لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه " فقال أبو جعفر (عليه السلام): ما تقول في هذا الحديث؟! فقال: هو حق لا شك فيه ولكن أحدث الكفر بعد.
فقال له أبو جعفر (عليه السلام): ثكلتك أمك أخبرني عن الله عز وجل أحب علي بن أبي طالب يوم أحبه وهو يعلم أنه يقتل أهل النهروان أم لم يعلم؟ قال ابن نافع: أعد علي، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): أخبرني عن الله جل ذكره أحب علي ابن أبي طالب يوم أحبه وهو يعلم أنه يقتل أهل النهروان أم لم يعلم؟ قال: إن قلت: لا، كفرت قال: فقال: قد علم، قال: فأحبه الله على أن يعمل بطاعته أو على أن يعمل بمعصيته؟ فقال: على أن يعمل بطاعته، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): فقم مخصوما، فقام وهو يقول: حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، الله أعلم حيث يجعل رسالته (7).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - لما سئل عن قوله تعالى -:
* (واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون) * -:
بعث الله رجلين إلى أهل مدينة أنطاكية فجاءهم بما لا يعرفون، فغلظوا عليهما فأخذوهما وحبسوهما في بيت الأصنام، فبعث الله الثالث