ويجب التربص إذا كثر العدو وقل المسلمون، تحصل الكثرة للمقاومة، ثم تجب المبادرة.
____________________
وأيضا فالمكنة مختلفة في الموضعين، فإن المراد منها في الأول القدرة على مدافعتهم وردهم عن بلاد الاسلام وكف أذاهم، وفي الثاني القدرة على مقاومتهم وقهرهم، بحيث يقتلوا، أو يسلموا، أو يلتزموا بشرائط الذمة إن كانوا من قبيلها.
والتحقيق أن الوجوب كل عام مرة ليس مطلقا في الوجود والعدم، بل يجب الزيادة عليها مع الحاجة إليه، كخوف قوة العدو مع الاقتصار عليها، وأدائه إلى ضعف المسلمين عنهم، ونحو ذلك. ويجوز تركه في السنة والسنين أصلا مع العذر، مثل أن يكون بالمسلمين ضعف في عدد أو عدة، أو لحصول مانع في الطريق من عدم الماء ونحوه، أو رجاء رغبة العدو في الاسلام زيادة على حالة قتالهم، ونحو ذلك مما يراه الإمام من المصلحة، فيجوز حينئذ تركه بهدنة وغيرها، كما صالح النبي صلى الله عليه وآله وسلم قريشا عشرين سنة (1)، وأخر قتالهم حتى نقضوا عهده وأخر قتال قبائل من العرب بغير هدنة. وأما إذا بدأ العدو بالقتال وجب جهاد مع الامكان مطلقا.
قوله: " والأولى أن يبدأ بقتال من يليه... الخ ".
هذا الحكم على وجه الوجوب، لقوله تعالى: * (قاتلوا الذين يلونكم من الكفار) * (2) والأمر للوجوب. ويستثنى من ذلك ما لو كان الأبعد أشد خطرا، فإنه يسوغ حينئذ الانتقال إليه كما فعل النبي صلى الله عليه وآله بالحارث بن أبي ضرار، لما بلغه أنه يجمع له، وكان بينه وبينه عدو أقرب، وبخالد بن سفيان
والتحقيق أن الوجوب كل عام مرة ليس مطلقا في الوجود والعدم، بل يجب الزيادة عليها مع الحاجة إليه، كخوف قوة العدو مع الاقتصار عليها، وأدائه إلى ضعف المسلمين عنهم، ونحو ذلك. ويجوز تركه في السنة والسنين أصلا مع العذر، مثل أن يكون بالمسلمين ضعف في عدد أو عدة، أو لحصول مانع في الطريق من عدم الماء ونحوه، أو رجاء رغبة العدو في الاسلام زيادة على حالة قتالهم، ونحو ذلك مما يراه الإمام من المصلحة، فيجوز حينئذ تركه بهدنة وغيرها، كما صالح النبي صلى الله عليه وآله وسلم قريشا عشرين سنة (1)، وأخر قتالهم حتى نقضوا عهده وأخر قتال قبائل من العرب بغير هدنة. وأما إذا بدأ العدو بالقتال وجب جهاد مع الامكان مطلقا.
قوله: " والأولى أن يبدأ بقتال من يليه... الخ ".
هذا الحكم على وجه الوجوب، لقوله تعالى: * (قاتلوا الذين يلونكم من الكفار) * (2) والأمر للوجوب. ويستثنى من ذلك ما لو كان الأبعد أشد خطرا، فإنه يسوغ حينئذ الانتقال إليه كما فعل النبي صلى الله عليه وآله بالحارث بن أبي ضرار، لما بلغه أنه يجمع له، وكان بينه وبينه عدو أقرب، وبخالد بن سفيان