لأنا نقول: أما الأول فمحمول على الاستحباب، إذ لا ريب في استحباب المسح بأكثر من الإصبع فيحمل عليه جمعا بين الأدلة، والنفي ها هنا كما في قوله عليه السلام: (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد) (1).
وأما الثاني: فلا تعويل عليه، إذ الرواة له فطحية (2)، فسقط بالكلية.
وأيضا: لو وجب استيعاب المسح، لزم خرق الإجماع، لأن الناس قائلان: منهم من أوجب المسح ولم يو جب الاستيعاب، ومنهم من لم يوجبه فقال بالاستيعاب. فلو قلنا بوجوب الاستيعاب مع وجوب المسح، كان ذلك خرقا للإجماع.
واعلم أن المحققين من الأصوليين قالوا: إن القول الثالث إنما يكون باطلا إذا تضمن إبطال ما أجمعوا عليه، كحرمان الجد مع الأخ، قال بعضهم بالمقاسمة، والآخرون بحرمان الأخ، أما إذا لم يتضمن فلا، وها هنا من قبيل القسم الأول، فإن القائل بالغسل والمسح اتفقوا على نفي وجوب مسح الجميع، فالقول بوجوبه قول ببطلان المتفق عليه.
مسألة: ذهب علماؤنا إلى أن الكعبين هما العظمان الناتئان في وسط القدم وهما معقد الشراك، وبه قال محمد بن الحسن من الجمهور (3). وخالف الباقون فيه، وقالوا:
إن الكعبين هما الناتئان في جانبي الساق (4)، وهما المسميان بالظنابيب (5).