أو هبة هو البراءة عن اشتغال الذمة بالعوض، فإنه قد يتوقف فيه من جهة وجود العلم الاجمالي إما باشتغال ذمته بالعوض لو كان بيعا، أو بحرمة تصرفه في العين بعد الرجوع لو كان هبة. ومقتضى هذا العلم الاجمالي تساقط الأصلين الجاريين في طرفيه، فلا يجري أصل عدم اشتغال الذمة بالعوض (1)، كما لا يجري استصحاب الملكية بعد الفسخ لمنافاتهما للعلم الاجمالي.
ولا يضر كون طرفي العلم الاجمالي تدريجيين، لما تقرر في محله من منجزية العلم المتعلق بأمرين تدريجيين. نعم من شرائط منجزيته العلم بحصول الغرض المعلق عليه الطرف الآخر المتأخر أما مع عدم العلم به فلا يتنجز، إذ لا يكون علما بتكليف فعلي على كل تقدير بعد الشك بفعلية الحكم في الطرف الآخر لعدم العلم بحصول موضوعه.
ففيما نحن فيه لا بد في منجزية العلم الاجمالي من العلم بتحقق الرجوع وإلا فلا يكون منجزا، إذ لا يعلم بفعلية حرمة التصرف في حقه في ظرفها المفروض، إذ لا علم بتحقق موضوعها. هذا إذا فرض كون العلم المفروض فيما قبل الفسخ كي يكون علما متعلقا بأمرين تدريجيين، أما إذا فرض كون العلم فيما بعد الفسخ بأن يقال: إنه بعد الفسخ يعلم إجمالا إما باشتغال ذمته بالعوض أو بحرمة تصرفه في المال، فهو علم منجز بلا كلام ولا إشكال.
ومنها: مسألة الضمان مع فساد العقد، فإن المرجع فيها هو البراءة أو استصحاب عدم اشتغال الذمة لعدم الالتزام بجواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية لكي يتمسك بحديث: " على اليد ما أخذت حتى تؤدي " (2).
هذا تمام الكلام في تأسيس الأصل.