ولا يخفى أن الاستدراك المناسب الذي يرجع إلى تصحيح الدليل ودفع الإشكال عنه ليس هو بيان مراد العلامة في التحرير وأنه لا يخالف الاجماع، إذ هو لا يرفع الإشكال عن الدليل لو كان مقتضاه عاما بنحو ينافي الاجماع، بل المناسب هو بيان أن مقتضى الدليل هو نفي خيار التأخير ما دام الخيار لأحدهما ثابتا، فلا يستلزم نفي خيار التأخير في الحيوان مطلقا حتى ينافي الاجماع.
وقد دافع المحقق الأصفهاني (رحمه الله) (1) عن الشيخ (قدس سره) وأثبت ارتباط قوله: " إلا أن يراد... " بما قبله، ببيان يرجع إلى أن مقتضى الجمع بين دليل خيار الحيوان بضميمة ما دل على عدم استحقاق التسليم في زمن الخيار ودليل خيار التأخير، هو ثبوت خيار التأخير في الحيوان بعد الثلاثة بحيث يلاحظ تأخير الثمن بعد الثلاثة، فيكون قوله " إلا أن يراد... " تنبيها على هذه النكتة، فيرتبط بما قبله.
ولا يخفى عليك أن ما ذكر يرجع إلى فرض مقدمات مطوية في كلام الشيخ (قدس سره) وبدونها يثبت عدم الارتباط بين الاستدراك وما قبله. وهذا في الحقيقة اعتراف بعدم الربط بحسب ظاهر الكلام. وهو ما يريد السيد (رحمه الله) بيانه، فما أفاده متين.
فلاحظ.
وأما القول الثاني: فقد وجهه الشيخ (قدس سره) بوجهين:
الأول: أن ظاهر أخبار خيار التأخير بقرينة المقابلة بين المجئ بالثمن وعدم المجئ، به هو ثبوت اللزوم قبل الثلاثة ونفي الخيار فيها. وظاهرها هو كون المنفي قبل الثلاثة هو المثبت بعدها، وبما أن المثبت بعد الثلاثة هو الخيار المطلق فيكون هو المنفي قبل الثلاثة، وليس المثبت بعد الثلاثة هو خصوص خيار التأخير إذ الحكم لا يتقيد بسببه، فلا معنى لأن يكون التأخير سببا لخيار التأخير بما هو كذلك إذ مقتضاه سببية السبب لنفسه وهو محال، فالمسبب هو مطلق الخيار لا الخيار الخاص، فيكون المنفي قبل الثلاثة هو مطلق الخيار، فإذا فرض ثبوت الخيار قبل الثلاثة كان ذلك خارجا عن منصرف الأخبار وظاهرها.