وقد ذكر في وجه عدم التنافي: أن الجامع بين الفرضين وإن كان هو كون التأخير عن حق لا عن ظلم وإهمال.
لكن الملاك في عدم الخيار في صورة اشتراط التأخير ليس مجرد كون التأخير عن حق حتى يسري الحكم إلى ما نحن فيه، بل لأنه مع اشتراط التأخير والتزام البائع بحقية المشتري تأخير الثمن لا مجال للسؤال عن أنه إذا أخر الثمن ماذا أفعل، إذ لا حيرة له بعد التزامه كي يسأل عن حكمه، فتكون الأخبار الظاهرة في الحيرة منصرفة عن هذه الصورة.
وهذا لا يتأتى في مورد يجوز للمشتري التأخير بلا التزام البائع على نفسه بذلك، إذ تتصور الحيرة في أمره وله مجال السؤال عن حكمه إذا أخر المشتري ولو كان تأخيره جائزا شرعا، نظير ما إذا كان التأخير عن امتناع عقلي، فإنه أيضا عن حق لا عن ظلم لكن تشمله أخبار خيار التأخير، فلاحظ.
ثم إن الشيخ (قدس سره) بعد تسليمه كلتا المقدمتين أورد على الوجه المزبور: أنه يستلزم عدم ثبوت خيار التأخير في بيع الحيوان لثبوت الخيار فيه في الأيام الثلاثة، فيكون التأخير فيها عن حق. مع أن الاتفاق على ثبوت خيار التأخير في الحيوان، كما يظهر من المختلف (1).
فلازم الدليل المزبور نتيجة تنافي الاجماع. ثم قال (قدس سره): " إلا أن يراد بما في التحرير عدم ثبوت خيار التأخير ما دام الخيار ثابتا لأحدهما فلا ينافي ثبوته في الحيوان بعد الثلاثة ".
وأورد عليه السيد الطباطبائي (رحمه الله): بعدم ارتباط هذا القول بما قبله. وذلك لأن الشيخ (قدس سره) ذكر دليلا على القول باشتراط خيار التأخير بعدم الخيار لأحدهما، وذهب إلى أن مقتضاه عدم ثبوت خيار التأخير في بيع الحيوان وهو خلاف الاتفاق.