ومحل البحث هو الثاني لا الأول، إذ لا اشكال في سقوط الخيار بالنحو الأول بلا حاجة إلى التمسك بهذه الأدلة أو غيرها، لأن الرضا إما يرجع إلى الامضاء فهو إعمال للحق الثابت. أو يرجع إلى الاسقاط - كما عليه الشيخ (قدس سره) -، وسقوط الخيار بذلك لا كلام فيه. ولذا لم يقع البحث في أن ذا الخيار لو قال " أمضيت أو رضيت " هل يسقط خياره أو لا؟
فالكلام في النحو الثاني من التصرف الذي يكون الرضا فيه مشكوكا ولا دلالة للفعل عليه نوعا.
ومن الواضح أنه لا قصور في أدلة الخيار عن شمولها لهذا المورد. وذلك..
أما قاعدة نفي الضرر، فهي إنما لا تشمل صورة الاقدام والرضا. والمفروض أنه يشك فيه فيما نحن فيه والاستصحاب ينفيه، فيصح التمسك بقاعدة نفي الضرر لانتفاء الرضا بالأصل. ولم يتوهم متوهم عدم تحكيم القاعدة مع الشك.
وأما الاجماع، فهو وإن لم يقم على ثبوت الخيار عند التصرف بقول مطلق، بل قام على عدمه. لكن المجمعين استندوا في نفي الخيار إلى عموم العلة في نصوص خيار الحيوان بحيث يظهر منهم أنه لولا هذا العموم فالخيار ثابت، فمن لا يرى دلالة التعليل على العموم، يثبت الخيار لديه بالاجماع على عدم الرافع للخيار سوى عموم العلة. وعليه، فلا قصور في مقتضي ثبوت الخيار.
يبقى الكلام في وجود المانع، وهو أمران:
أحدهما: الاجماع على أن التصرف رافع. وفيه: أنه لا يصلح للاعتماد عليه بعد تعليل الحكم في كلام المجمعين بعموم التعليل.
والآخر: عموم التعليل في نصوص خيار الحيوان. وقد تقدم الحديث فيه مفصلا وتقدم عدم استفادة ما يدل على العموم في مطلق الخيارات واختصاصه بخيار الحيوان فقط، فراجع.
إذن، فالخيار ثابت بدليله ولا نحتاج إلى الاستصحاب كي يقع الكلام فيه.
ولعل مراد الشيخ (قدس سره) أخيرا من أصالة بقاء الخيار هو ما ذكرناه لا الأصل المصطلح وهو الاستصحاب، إذ قد تأمل فيه أولا.