وأما مع طلب العاقد الآخر للفسخ، فلأن الالتزام بوجوب الفسخ حينئذ على المستأمر يرجع إلى الالتزام بثبوت حق للعاقد الآخر عليه وسلطنته على الفسخ، فله المطالبة بحقه. فيكون مرجع اشتراط الاستئمار إلى ثبوت حق لكل منهما على الآخر وهو خلاف الظاهر لأن الاستئمار ظاهر في أنه حق للمستأمر خاصة. هذا ما أفاده الشيخ (قدس سره) بتوضيح منا.
وتحقيق المطلب بنحو يتضح الحال في هذا الكلام وغيره من كلمات الأعلام هو:
أن المحتمل في اشتراط الاستئمار أحد أمرين:
الأول: أن يشترط المستأمر أنه يفعل ما يأمره به الآمر وينفذه، فيرجع إلى الالتزام بالفعل على طبق الأمر من فسخ أو امضاء.
الثاني: أن يشترط المستأمر ثبوت حق الفسخ له عند الأمر به وحق الإجازة عند الأمر بها، فيرجع إلى الالتزام بثبوت الحق. ويترتب..
على الأول لزوم الفسخ إذا أمر به لالتزامه به، فيجب بمقتضى لزوم الوفاء بالشرط وللعاقد الآخر مطالبته به.
أما على الثاني، فلا يجب الفسخ، إذ غاية ما يقتضيه عموم نفوذ الشرط هو ثبوت حق الفسخ له. أما لزوم إعمال هذا الحق فلا وجه له.
ولا يخفى أن المعنى الأول وإن كان ظاهر لفظ الاستئمار لظهوره في العمل بما يأمر الآمر لكنه لا يمكن ارجاع شرط الاستئمار إليه، إذ الفسخ بدون ثبوت حق الفسخ غير مقدور، فالالتزام به التزام بغير مقدور، فلا يصح اشتراطه لأنه اشتراط غير مقدور، فالشرط حقيقة لا يتحقق فلا يشمله دليل نفوذ الشرط، فلا بد من ارجاعه إلى المعنى الثاني، وإلا لكان باطلا.
واحتمال رجوع المعنى الأول إلى اشتراط أمرين طوليين أحدهما ثبوت حق الفسخ له عند الأمر به والآخر الجري عملا على ما يأمر به الآمر وتنفيذ أمره.
منتف بأن حقيقة اشتراط الحق تختلف عن حقيقة اشتراط الفعل، فإنه على الثاني بمعنى الالتزام وعلى الأول بمعنى القرار والبناء على ما تقدم تحقيقه.