ثم إنه بناء على المسلك الأول يقع الكلام في أنه إذا تحقق إبرام العقد من قبل أحدهما، فهل يترتب عليه إبرام العقد بقول مطلق بحيث لا يبقى مجال لاعمال الآخر حق خياره باختيار الفسخ. أو أنه إنما يترتب عليه إبرام العقد من ناحيته فقط؟
ولا يخفى عليك أن الكلام في سقوط خيار الآمر وعدمه عند اختيار المأمور الامضاء الذي هو محل البحث في هذه المسألة إنما يتأتى على المسلك الثاني في حق الخيار أو الوجه الثاني من وجهي المسلك الأول. أما بناء على الوجه الأول منهما، فلا مجال للبحث، لأن إمضاء المأمور يستلزم إبرام العقد ولزومه بقول مطلق الملازم لعدم ثبوت خيار لأي شخص، فلا معنى للبحث عن سقوط خيار الآمر وعدمه، فالتفت.
وكيف كان، فقد ذكر الشيخ (قدس سره) أن المأمور بالاختيار لا يخلو إما أن يختار الفسخ، أو يختار الامضاء، أو يسكت.
فإن اختار الفسخ، فلا مجال للبحث في بقاء حق الخيار للآمر لانفساخ العقد بفسخه، وهو مما لا يتصور فيه أن يكون من طرف دون آخر، فلا معنى لأن يكون العقد منفسخا من طرف وغير منفسخ من طرف آخر. وعليه، فلا موضوع للخيار بعد الفسخ.
وإن اختار الإمضاء فالأقوال ثلاثة:
الأول: الالتزام بسقوط خيار الآمر وهو ظاهر الأكثر.
الثاني: الالتزام بسقوط خياره مع إرادته بأمره تمليك الخيار لصاحبه وإلا فهو باق مطلقا - سواء أراد التفويض أم استكشاف الحال - وهو ظاهر التذكرة (1).
الثالث: الالتزام بسقوط خياره مع إرادته تمليك الخيار لصاحبه أو تفويض الأمر إليه، وأما مع إرادة استكشاف الحال فلا يسقط خياره.