وقد حمل صحيح أبان وخبر زرارة في التهذيب والاستبصار على المعتاد لقتلهم فإنه إذا كان كذلك فللإمام أن يلزمه دية المسلم كاملة تارة وأربعة آلاف درهم أخرى بحسب ما يراه أصلح، وربما يشهد له خبر سماعة (سأله عن مسلم قتل ذميا، فقال شئ شديد لا يحتمله الناس فليعط أهله دية المسلم حتى ينكل عن قتل أهل السواد، وعن قتل الذمي، ثم قال: لو أن مسلما غضب على ذمي فأراد أن يقتله ويأخذ أرضه و يؤدي إلى أهله ثمان مائة درهم إذا يكثر القتل في الذميين، ومن قتل ذميا ظلما فإنه ليحرم على المسلم أن يقتل ذميا حراما ما آمن بالجزية وأداها ولم يجحدها) (1).
والحمل المذكور ليس جمعا عرفيا، لأن حمل المطلق على الفرد غير الغالب لا يصار إليه، وكذا الكلام في خبر سماعة وما دل على أربعة آلاف درهم حمل على التقية، ومع عدم العمل بخبري أبان بن تغلب وزرارة المذكورين تكون الدية ثمان مائة ولو مع الاعتياد.
وأما كون دية نسائهم النصف فاستدل عليه برواية أبان بن تغلب ورواية سماعة المذكورتان.
وأما عدم الدية لغير المذكورين من الكفار فالظاهر عدم الخلاف فيه، ويدل عليه ما رواه الشيخ بوسائط عن إسماعيل بن الفضل قال: (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن دماء المجوس واليهود والنصارى هل عليهم وعلى من قتلهم شئ، إذا غشوا المسلمين وأظهروا العداوة لهم والغش؟ قال: لا، إلا أن يكون متعودا لقتلهم) ورواه الكليني (2).
ولا يخفى الاشكال في استفادة تمام المطلوب من هذا الخبر.
(وفي ولد الزنا قولان أشبههما أن ديته كدية المسلم الحر، وفي رواية كدية الذمي، وهي ضعيفة، ودية العبد قيمته، ولو تجاوزت دية الحر ردت إليه، وتؤخذ من مال الجاني إن قتله عمدا أو شبيها بالعمد، ومن عاقلته إن قتله خطأ، ودية أعضائه بنسبة قيمته، وما فيه من الحر ديته فمن العبد قيمته كاللسان والذكر، وما فيه دون ذلك