ثم إن الشك في بقاء الكلي هنا، مسبب عن الشك في بقاء الفرد والمصداق، فهناك مسبب وسبب، فكيف يكون استصحاب المسبب مغنيا عن السبب، بل وبالعكس، قضاء لحق السببية التي هي تدل على التعدد؟!
اللهم إلا أن يقال: العلم بوجود الانسان في الدار يستلزم العلم بالفرد من غير تعيين، والعلم بوجود الفرد ولو كان غير معين مبين، يستلزم العلم بوجود الانسان الكلي المبين، فهناك سببان ومسببان كما لا يخفى، فاغتنم.
تتمة:
قد أشير إلى أن الكلي في جميع الموارد واحد، وإنما الاختلاف فيما هو الخارج (1)، وعندئذ لو علم إجمالا بوجوب الاجتناب عن أحد الإناءين، أو بوجوب إحدى الصلاتين، ثم اضمحل العلم المذكور لجهة من الجهات، كالعجز عن الصلاة المعينة، أو بانعدام أحد الإناءين، أو خروجه عن محط الابتلاء، فإن كان مدار مجرى الاستصحاب على المسامحات العرفية (2) فيقال: " كان على يقين بوجوب الاجتناب عن هذا الإناء " من غير النظر إلى تحليله من جهة العقل ومن جهة التعليق " فعليه الاجتناب عنه ".
وإن كان المدار على التدقيق (3) فيجري أيضا، نظرا إلى أن منجزية هذا الإناء كانت موجودة بالضرورة، ولا نحتاج في الاستصحاب إلا إمكان التعبد بالنظر إلى التحفظ على الواقع. فالعلم الاجمالي لو لم يؤثر بعد الانتفاء كما هو الحق، فاستصحاب الشخصي ليس جاريا بالنسبة إلى الحكم الشرعي تكليفا أو وضعا،