وغيره، لا مجرى لها بعد جريان الاستصحاب المذكور.
وبالجملة: إذا شك في الوقت أنه أتى بصلاة الظهر والعصر، يجب عليه - استصحابا - صلاة الظهر والعصر، وهو وارد على قاعدة الاشتغال. ولا شبهة في جريان الاستصحاب المذكور، ويكون مصب الاستصحاب عنوان " الصلاة " وأنها كانت واجبة ومأمورا بها ومبعوثا إليها، والآن كما كانت، وكذلك الأمر هنا، فالمناقشة في الاستصحاب ومجراه غلط. وتوهم محكوميته بأصل البراءة العقلية أو الشرعية، أيضا في غير محله.
فالمحصول مما قدمناه: أنه في بعض الصور يجب الاحتياط عقلا، وهو ما إذا كان مورد الأمر عنوان " الصلاة " وشك في وجوب مقدار من الأجزاء، بحيث يلزم الشك في صدق العنوان المذكور، أو يعلم انتفاء الصدق.
وفي بعض الصور يجب الاحتياط شرعا، وهو في مورد لم يكن الجزء بفقده مضرا بالاسم والعنوان، فإنه يجري حينئذ استصحاب الوجوب والأمر، وهو متبع إلى أن يأتي بكل ما يكون محتمل الدخالة في سقوطه.
فتحصل لحد الآن: أن البراءتين: العقلية والشرعية ولو كانتا في حد ذاتهما جاريتين، إلا أنهما محكومتا الأصل الشرعي ورودا أو حكومة، وتحصل أيضا: أنه لا تجري البراءة من غير أن يتقوم اندراج المسألة في المتباينين، كما أشرنا إليه في أول البحث (1)، خلافا لصريح " الدرر " (2) والأراكي (3) وغيرهما (رحمهم الله) (4).