قلنا: ظاهر الصدر أن الوضوء واجب نفسي، ولا يقول به أحد، كما أن ظاهره الثاني هو الوجوب الغيري، وهو أيضا لا يقول به جمع. وحمله على الوجوب الشرطي في مثل هذا التركيب غير معهود، فإن الواجبات الشرطية تلقى ضميمة للواجب النفسي، كقوله (عليه السلام): " لا صلاة إلا بطهور " (1) أو " لا تصل في وبر ما لا يؤكل لحمه " (2) أو " لا صلاة إلا إلى القبلة " (3) وغير ذلك (4).
إن قلت: الظاهر من قوله " ولا ينقض اليقين أبدا بالشك " أنه كما لا بد من متيقن وهو الوضوء مثلا، لا بد من مشكوك وهو الوضوء، حسب الظاهر، فحمله على خلافه غير ظاهر.
قلت أولا: بعد كون الكلام في الصدر حول النوم وناقضيته وموجبيته، يجوز أن يكون المشكوك هو النوم، أي " لا تنقض اليقين بالوضوء أبدا بالشك في النوم ".
وثانيا: إن ظاهر قوله " ولكن ينقضه بيقين آخر " - بل هو المتعين - أن اليقين الآخر متعلق بالنوم مثلا، لا الوضوء بالضرورة، فهو قرينة على أن المشكوك فيه هو النوم مثلا، فالرواية أجنبية عن الأصول العملية، وتندرج في مسألة أخرى كما مر.
السابعة: أن قوله (عليه السلام): " وإلا " على جميع التقادير، وقوله: " حتى يجئ من ذلك أمر بين " ظاهران في أن الأمر البين له الدخالة في إيجاب الوضوء، ولو كان معنى قوله: " وإلا " أي " وإن لم يجئ من ذلك أمر بين فيجب الوضوء، فإنه على يقين... " إلى آخره.