وكان عنوان " الترك " مورد الحكم، فالحديث جار بالضرورة، وهكذا إذا اكره على المحرم الوجودي. وأما إذا ترك المأمور به في جميع الوقت، أو ترك الصوم فلا أثر له، لأن تركهما ليس موضوعا للحكم الشرعي، نعم يستحق العقوبة عقلا، وقد مر أنه ليس مرفوعا في مورد إلا بمرفوعية منشئه (1)، فما في كلام بعض الأصحاب من جريانه في مثله (2)، أو في كلام الوالد المحقق - مد ظله - في غير المقام (3)، غير موافق للتحقيق، بخلاف ما أفاده هنا (4).
وبالجملة: ما هو منشأ الإشكال، هو أنه هل يعقل ثبوتا أخذ العنوان العدمي، موضوعا للحكم، أم لا؟ وإلا فلو أمكن ذلك، فطرأته العناوين الستة المرفوعة، فلازمه رفع الحكم كسائر الموارد.
فتوهم: أن البحث حول أن الحديث الشريف، ظاهر في الأعم، أو خصوص تنزيل الموجود منزلة العدم (5)، فاسد ظاهر.
إن قلت: لا يعقل أن يكون عنوان " الترك " موضوعا لحكم من الأحكام، لأنه لا مصلحة فيه، فإن العدم نفي صرف، والأحكام تتبع المصالح والمفاسد.
قلت: قد تحرر منا في المجلد الأول، وفي غير موضع من الكتب الفقهية: أن الخلط بين مصب الأحكام وموارد المصالح والمفاسد (6)، ممنوع عند العقل والخبير العارف، ضرورة أن للشرع والمقنن اعتبار إيجاب ترك الجماع، للمفسدة في الجماع، ولا يجوز التصرف فيما جعله واجبا بإرجاعه إلى محرمية الجماع، وهذا