ويؤيد هذا: عدم تمكن الأئمة - عليهم السلام - وأصحابهم يومئذ من إقامتها مطلقا للتقية، وإلا لوجبت عليهم الإقامة عينا ولو مرة. هذا ولا ريب أن المنع أحوط بعد الاجماع منهم على الظاهر المصرح به، كما عرفت في كثير من العبائر على إجزاء الظهر، لعدم وجوب الجمعة عينا. ومرجعه إلى أن اشتغال الذمة بالعبادة يوم الجمعة يقينا يستدعي البراءة اليقينية، وهي تحصل بالظهر، للاجماع عليها دون الجمعة.
ولعل هذا مراد من استدل على المنع عنها: بأن الظهر ثابتة في الذمة بيقين، فلا يبرأ المكلف إلا بفعلها (1).
أو يكون المراد من ثبوتها في الذمة بيقين: أن الله سبحانه ما أوجب الجمعة، إلا بعد مدة مديدة من البعثة، وكانت الفريضة بالنسبة إلى جميع المكلفين في تلك المدة هو الظهر بالضرورة، ثم، بعد تلك المدة تغير التكليف بالنسبة إلى بعض المكلفين خاصة لا كلية، بالاجماع والضرورة والأخبار المتواترة، فمن ثبت تغير حكمه فلا نزاع، ومن لم يثبت فالأصل بقاء الظهر اليقينية بالنسبة إليه حتى يثبت خلافه، ولم يثبت. ومرجعه إلى استصحاب الحكم السابق على زمان تشريع الجمعة، وهو: وجوب الظهر على جميع المكلفين، وبعد تشريعها لم يثبت نقض ذلك الحكم إلا بالنسبة إلى بعضهم. وكوننا منهم أول الدعوى لو لم نقل بكوننا غيرهم.
وأما الاستدلال على الاستحباب بالاستصحاب بتخيل أن الاجماع واقع من جميع أهل الاسلام على وجوب الجمعة في الجملة حال ظهور الإمام - عليه السلام - بالشرائط فيستصحب إلى زمان الغيبة، فمنظور فيه، لمعارضته بإجماعهم