في بعضها الأمر بالقراءة في النفس وهو غير القراءة الحقيقية. فيكون هذا قرينة أخرى على الندب أيضا. والأول أقوى، وفاقا لأعيان القدماء:
كالشيخ في التهذيبين (1) والنهاية (2) والحلبي (3) والمرتضى (4) وابن زهرة (5)، بل الكليني (6) والصدوق أيضا (7)، لقوة أدلته وضعف معارضتها. فالأول بمنع العموم، بل غايته الاطلاق الغير المنصرف بحكم التبادر إلى محل النزاع. ولو سلم فهو مخصص بالأوامر هنا، وهو أولى من حملها على الندب، لأولوية التخصيص من المجاز حيثما تعارضا على الأشهر الأقوى.
والقرينة الأولى على الندبية على تقدير تسليمها معارضة بمثلها، وهو تضمن بعضها ما هو للوجوب قطعا، وبعد تعارضهما يبقى الأمر الظاهر في الوجوب عن الصارف سليما.
وأما القرينة الثانية فممنوعة، إذ القراءة في النفس كناية عن الاخفاء بها كما شاع التعبير بها عنه في الأخبار.
ومنها: ماء ورد في الصلاة خلف المخالف، مع الاتفاق على وجوب القراءة الحقيقية فيها. ولو سلم فكيف يجعل القراءة في النفس التي ليست قراءة حقيقة ملفوظا بها قرينة على استحبابها؟! بل إبقاؤها على حقيقتها خلاف الاجماع قطعا، وهو من أعظم الشواهد على أن المراد بها ما ذكرنا.