لا يخفى عليك أن عدم الصحة بهذا المعنى بديهي بعد امتناع اجتماع الحكمين بل المناسب في تحريم الاستدلال أن يقال إن صحة العبادة وتأثيرها أثرها ليست لا بمعنى وقوعها قربية من المكلف، ولا يعقل التقرب بما هو مبغوض المولى فعلا وإن لم نقل بالحاجة إلى الأمر في وقوع العبادة قربية حتى يعم العبادات الذاتية فان صحتها ووقوعها مقربة لا يتوقف على الأمر بها لكنها تتوقف على عدم مبغوضيتها إذ المبعد بما هو مبعد لا يكون مقربا.
قوله: لا ضير في اتصاف ما يقع عبادة الخ: هذا وإن كان مصححا لتعلق النهي بالعبادة إلا أن الالتزام بحرمتها وإن لم يقصد بها القربة بنحو من الأنحاء في غاية الاشكال مضافا إلى أن مثلها فاسد وإن لم يتعلق به النهي فلا وجه للبحث عن اقتضاء النهي للفساد إلا بلحاظ صحة اتيانه عبادة مع قطع النظر عن النهي إذ لا يتوقف التقرب على إحراز الأمر وملاكه، فمع النهي لا يمكن التقرب به ولو رجاء.
أو يقال إن البحث جهتي كالبحث عن اقتضاء النهي لفساد المعاملة مع أنها بمقتضى الأصل وفي حد ذاتها محكومة بالفساد وأما دفع الاشكال الأول بأن اتيان العمل لله بطود لام الغاية ممكن، و يتحقق به العبادية وإن لم يكن هناك أمر ولا ملاكه بل كان مبغوضا فعلا فلا ينافي عدم مبغوضية ذات العمل تعليما أو بداع أخر.
فمدفوع: بأنه يتجه بالإضافة إلى العبادات الذاتية فان العمل لله بنحو لام الصلة معناه العمل الإلهي ولا يعقل ذلك إلا في المحسنات الذاتية ومفروض الكلام في غيرها.
قوله: هذا فيما إذا لم يكن ذاتا عبادة كالسجود الخ: قد عرفت في أوائل المبحث وفي غيره أن المراد بالعبادة الذاتية ما كان حسنا بذاته من دون حاجه في إضافته إلى المولى إلى أمر ونحوه كالسجود فان التخضع للمولى بالركوع والسجود أمر معقول مع عدم الأمر منه بل مع النهي عنه غاية الأمر أنه